بعض أهل العلم : أول النهار (١). فذكر الله للنهار وجها ، ولم يرد به وجها من الوجوه التي أمر بغسلها عند الوضوء ، وقد يجوز في اللغة القول بأن (٢) هذا وجه المتاع ، وهذا وجه القوم وفاضلهم ، وهذا وجه الدار ، وهذا وجه الكلام ، هذا وجه العمل ، معنى قولهم هذا وجه الكلام ، أي : صدقه وبيانه ، ووجه العمل أي : العمل به صواب. وقال الله تعالى : قال تعالى : (ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها) [المائدة : ١٠٨] أي : يأتوا بها على صدقها (٣).
وتأويل قول الله : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) له معان :
منها ما أريد به وجه الله من العمل الطيب ، والقول الحسن (٤).
ومعنى آخر في : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ). إلّا هو (٥). ومن أراد هذا المعنى قرأ وجهه مرفوعا ، وله سوى هذا أيضا ، (٦) من أراده قرأه مفتوحا ، والمعنى فيه : ثواب اللهعزوجل.
وقال الله عزوجل في كتابه : قال تعالى : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) [المائدة : ٦]. فمعنى هذا الوجه معنى واحد ، وهو الوجه الذي في الناس ، وذلك عن الله عزوجل منفيّ ، وقوله : قال تعالى : (فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) [البقرة : ١١٥]. دليل على أنه الله ، لأن الشرقي والغربي بين المشرق والمغرب لا يكون جهتهم جميعا تلقاء وجه الله ، لأن وجهه : الذي هم مقابلون دون ما سواه ، فبطل قولهم في تأويلهم : (فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ).
__________________
(١) أخرج ابن جرير عن قتادة ، والربيع ، في قوله تعالى : (وَجْهَ النَّهارِ) ، قالا : أول النهار. الدر المنثور ٢ / ٢٤٠.
(٢) في (أ) و (ج) : القول بمثل هذا.
(٣) أخرج ابن جرير وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ عن قتادة في قوله : (ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها) ، يقول : ذلك أحرى أن يصدقوا في شهادتهم. الدر المنثور ٣ / ٢٢٦.
(٤) أخرج البيهقي في شعب الإيمان عن سفيان قال (كل شيء هالك إلا وجهه). قال : ما أريد به وجهه من الأعمال الصالحة. الدر المنثور ٦ / ٤٤٧. وفي تفسير الغريب للإمام زيد بن علي عليهالسلام / ٢٤.
وهو قول مجاهد. انظر تفسير سفيان الثوري / ١٩٤.
(٥) انظر تفسير الإمام زيد بن علي / ٢٤٤.
(٦) في (أ) و (ج) : وله شواهد أيضا.