قيل لهم : فمن أين قلتم ذلك وما بينتكم عليه؟! ولن تجدوا سبيلا إلى إثبات اللون إلا من وجه الرواية ، فيعارضون بأضداد رواياتهم فإن جعلوا الرواية حجة لم يصح لهم دعوى ولا لنا ، لأنهم رووا خلاف ما روينا وروينا خلاف ما رووا ، ولا بد أن يكون أحدنا محقا والآخر مبطلا ، وفي إبطال قول أحدنا إبطال أحد الأثرين ، وفي إبطال أحد الأثرين إخراج الأثر الشاذ من الحجة ، لأن الشاذ من الأثر لا يكون مثل كتاب الله ولا سنة رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، مع ما يدخل عليهم من التناقض في إثبات اللون لمعبودهم ، من وجه ما ذكرنا من (١) إيجاد العجز عليه وإلزام النّصب ، لأن لون الحدقة غير لون اللسان ، ولون اللسان غير لون الوجه ، وفي الغير وجوب الاثنين فصاعدا ، لأن اللسان غير العين ، والعين مخالفا للسان ، وكذلك كل جزء غير ما يليه ، وهو مقصر عن صفة غيره.
فإن قالوا : ليس لونا.
قيل لهم : كيف ترى العيون ما ليس يكون لونا ، والعيون لا ترى في العقول إلا ملونا؟!
وإن لجئوا إلى أن يقولوا : إن الله يعطيهم حاسة سادسة في القيامة (٢) بها يدركون ربهم إدراك (٣) الجهر ، يسألون عن الذي يدركون ربهم به ، أليس قد نال ثوابا لم ينل الجزء الذي كان في الدنيا له ناصبا عاملا؟! فيكون الثواب لمن لم يطع ، ولا ثواب إلا لمن أطاع (٤).
__________________
(١) سقط من (ب) و (ج) و (د) : من.
(٢) هو قول ضرار بن عمرو المعتزلي والمعتزلة لا تورده في طبقاتها ، فله أقوال توافق المعتزلة وأخرى توافق الأشاعرة ، منها نسبة الأفعال إلى الله. ولنا في إبطال دعواهم أن قوى وحواس الناس تتغير وتقوى يوم القيامة عما هي عليه في الدنيا قول الله سبحانه : (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ). يعني أن الله سيعيدنا مثل ما كنا وكما بدأنا سبحانه وتعالى.
(٣) في (ب) : إذا زال (مصحفة).
(٤) يعني : إذا أعطينا حاسة سادسة على حد زعمهم ، فإنها هي التي سترى الله على زعمهم فتنال الثواب الذي هو الرؤية مع أنها لا تستحق ثوابا ، لأنها لم تطع في الدنيا لأنها لم تخلق إلا في الآخرة مع أنه لا ـ