ويقال لهم : كيف يسمى المطيع مدركا وليس هو المعاين؟! وإنما المعاين هو السادس المحدث لهم في الآخرة.
ويسألون هل يجوز أن يعطوا سابعا يدركون به لمسه أو ذوقه أو شمه ، كما جوزتم السادسة التي بها تكون الرؤية ، ليكون ذلك أتم لنعيمهم إذا لمسوا ما عاينوا وصافحوه وذاقوه وشموه؟! فإن جوزوا ذلك جعلوه منفصلا بائنا بعيدا مبعضا ، وفي الانفصال والبينونة والبعض والبعد وجود العجز والنقص ، والعاجز الناقص ليس بالكامل التام القوي القادر ، وليس العاجز الناقص بإله ، فتعالى الله عن العجز والنقص.
وقد أجمع المصلون معنا أن إلهنا عزوجل لا تدركه الأبصار إلا فرقة من الروافض ووافقتهم الحشوية فقالوا : إن النبي صلى الله عليه رأى ربه أبيض مجمم الشعر.
ورووا من وجه آخر أنه رؤي في صورة الشاب المراهق مقصصا (١).
فعزم بعضهم أن هذه الرواية كانت بالقلب (٢) ، وزعم آخرون أنها كانت بعيان النظر(٣). وقد رووا بخلاف ذلك : أن ثلاثا من قال واحدة منهن فقد أعظم الفرية على
__________________
ـ ثواب إلا لمن أطاع.
(١) في (ب) : مفضضا. روى الطبراني في الكبير (٢٥ / ١٤٣) ، والبيهقي في الأسماء والصفات (٤٤٦ / ٤٤٧) ، وابن الجوزي في الموضوعات (١ / ١٢٥) : (رأى ربه عزوجل في المنام في أحسن صورة ، شابا موفّرا) ، وبلفظ (رأيت ربي أجعد أمرد عليه حلة خضراء). ورووا عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه ـ وحاشاه ـ قال : (ولما أسري بي رأيت الرحمن تعالى في صورة شاب أمرد له نور يتلألأ ، وقد نهيت عن وصفه لكم ، فسألت ربي أن يكرمني برؤيته ، وإذا هو كأنه عروس حين كشف عن حجابه مستو على عرشه). اللآلئ المصنوعة للسيوطي وإن كان قد وضعه السيوطي في الموضوعات لكن له أصل عندهم. تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. وقد طعن في الحديث البخاري في تاريخه (٦ / ٥٠٠). وأحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، والنسائي (تاريخ بغداد ٣ / ٣١١). وابن حبان في الثقات (٥ / ٢٤٥).
وابن حجر في تهذيب التهذيب (١٠ / ٩٥).
(٢) أخرج النسائي ، عن أبي ذر ، قال : رأى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ربه بقلبه ولم يره ببصره. الدر المنثور ٧ / ٦٤٩.
(٣) أخرج ابن مردويه عن ابن عباس أن النبي صلىاللهعليهوسلم رأى ربه بعينه ، الدر المنثور ٧ / ٦٤٧.
وعن ابن عباس : رآه بقلبه. مسلم ١ / ١٥٨ (٢٨٤) و (٢٨٥).