والشهادة القاطعة على وجوده ، في الأنفس والآفاق ، والأرض والسماء وما بينهما ، كل شيء شاهد على العلم به ، قال تعالى : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٥٣)) [فصلت : ٥٣].
واستعرض الإمام القاسم العديد من الشواهد والأدلة القرآنية على وجود الله في الأنفس كدليل الخلق والنطفة ، وكذلك خلق الجماد والنبات ، واختلاف وتباين المخلوقات النباتية ، وخلق الحي من الميت والميت من الحي.
وقدم الإمام القاسم تحليلا رائعا للآيات الدالة على وجود الله وعظمة خلقه للأكوان ، ويصدق ذلك على تفسيره وتناوله لآيات سورة الواقعة ، ولفت الأنظار إلى حجاج القرآن العقلي الجدلي للكفار حين يسألهم : (قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٤) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٨٥)) [المؤمنون : ٨٤ ـ ٨٥] ، مبينا أن الكفار لم يسعهم أمام قدرة وعظمة الخلق إلا أن يثبتوا الخالق.
كما أنه وقف مع القرآن الكريم في تطور خلق الإنسان ، وكذلك تطور أحواله بعد خروجه إلى الحياة حتى موته ، مشيرا إلى أن ذلك كله يدل على الخالق الواهب للحياة وراعيها ، حتى تطرق إلى الأنسجة الحية في نموها وحياتها وموتها.
وآية الله في خلق البحار وما فيها ، وكيف هي آية مبهرة معجزة ، والفلك التي تجري فيها آية أخرى ، وخلق الليل والنهار ، والنجوم في السماء ، والفلك والمجرات العظيمة : (فصدق الله تبارك وتعالى ، ذو الملك والقدرة والأمثال العلى ، إنه لهو الله ربنا ، ومنّا منه كان خلقنا وتركيبنا ، له الملك ومنه عجيب التدبير ...).
ومن أروع ما قدمه تحليله لآيات خلق العالم والكون ، وكيف فتق الله السماوات والأرض ، وهو بصدد استدلاله على الخالق بشواهد خلقه من الإتقان والحكمة .. (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ (٣٠) وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣١) وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ (٣٢) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ