وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٣٣)) [الأنبياء : ٣٠ ـ ٣٣].
ثم تعرض لدليل خلق الماء والجبال ، وتناول مبحثا فيزيقيا في خلق الأرض ، وهل هي كرة أم لا؟ وفي كونها ، هل هي فضاء أو في ماء أو هواء؟ وتعرض لأدلة المخالفين بالنقد وسخر من التصورات الخرافية والساذجة بما يدل على أن هذا المبحث لو مضى فيه المسلمون لمنتهاه لبلغوا شأوا عظيما.
وبيّن منهج القرآن في جدال الكفار والمشركين من الصابئة وعبدة النجوم والكواكب ، على لسان إبراهيم عليهالسلام ، وحجاجه لهم في منهج استقرائي رائع على وجود الخالق ووحدانيته ، وكونه الأحق بالعبادة والخضوع والتسليم : (والحمد لله على ما أبان من برهانه وحجته ؛ لإبراهيم صلى الله عليه في محاجته ، وفي ذلك ما يقول سبحانه فيه ، لإبراهيم صلى الله عليه : (وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٨٣)) [الأنعام : ٨٣].
وينتهي الإمام القاسم إلى أن دليل الصنعة والخلق ، والنظر في النفس والأكوان كان منهج الرسل والأنبياء عليهمالسلام ، فهكذا كان إبراهيم ونوح ويوسف وموسى ، وينجح في تحريك الأدلة نحو الوحدانية وعبادة الله الواحد ، وأن هذا مما تقبله العقول وترتضيه الفطر السليمة ، فالتأمل والنظر مما ميز الله به الإنسان على الحيوان ، وجميع رسل الله وفوا بهذا الدور في سبيل تدليلهم على وجود الله ووحدانيته. ثم يورد الآيات : (* قالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ شَكٌّ ...) [إبراهيم : ١٠].
ويعلق على كل هذا الآيات المبهرة فيقول : (فصدق الله لا شريك له ، في أن من لم يعرف هذا كله ، صنعا له وخلقا ، وحقا يقينا صدقا ، فهو في أبين الضلال ، وأخبل صاغر الخبال ، والحمد لله كثيرا رب العالمين ، على ما أبان من حججه على الملحدين ... وكيف يشك ملحد في صنع الله للأشياء كلها ، أو فيما يرى من دق الأشياء أو جلها ، وقد يرى كيف أحكمت فاستحكمت ، وانقادت للصنعة فتقوّمت ...)!
ويتطرق الإمام القاسم بعد ذلك إلى صفات الله تعالى ، فهو غني غير محتاج ، واحد أحد فرد صمد ، وعظيم عليم (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشورى : ١١] ، وما ليس كمثله شيء فهو خلاف لكل شيء.