سبحانه فيهم ، وفيما قالوا به من هذا القول ، الغنى عن كل نبي أو رسول ، جاء عن الله بنذارة لجاهل من عباده أو تعليم ، أو هداية لضال من خلقه أو تقويم.
وفي هذا من إكذاب كتاب الله ووحيه ، وخلاف خبره تبارك وتعالى على لسان نبيه ، ما لا خفاء به ولا فيه عن موحّد ولا ملحد ، ولا خصم لدّ (١) أو لم يلدّ ، والله تبارك وتعالى يقول في إكذاب من قال بهذا القول عليه في كتابه ، بما لا يأباه مكابر مرتاب وإن عظمت بليته في ارتيابه ، قال الله سبحانه : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ) (١٠) [الحجر : ١٠]. وقال سبحانه : (وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) [النحل : ٣٦]. وقال سبحانه : (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ (٢٤) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ (٢٥)) [فاطر : ٢٤ ـ ٢٥]. وقال سبحانه : (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٤)) [فاطر : ٤] ، مع ما ذكر لا شريك له مما يكثر ، عن(٢) أن نحصيه من تبعيثه في الماضين للرسل والنذر ، وما لم يزل يجدده من نعمه من ذلك في البشر ، لا يذكر سبحانه في ذلك كله وصيا ، ولا مما ذكرت الروافض في ذلك كله شيا ، ولو كان الهدى يصاب بغير كتب الله ورسله ، لعرف الله في ذلك بمنته (٣) وفضله ، ولذكر حجته على عباده ، وما دلهم عليه به من رشاده ، كما قال سبحانه فيما أنعم به من وحيه ، ومنّ به فيه من أمره ونهيه : (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (٥٧)) [يونس : ٥٧]. وقال سبحانه : (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً (١٧٤)) [النساء : ١٧٤]. مع ما يكثر في هذا ومثله ، من ذكر نعم الله فيه وفضله ، وكما قال سبحانه لرسوله ، صلى الله عليه وعلى أهله : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ (١٠٧)) [الأنبياء : ١٠٧]. وقال سبحانه : (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ
__________________
(١) اللّدّ : الشديد الخصوبة.
(٢) سقط من (أ) و (ب) و (د) : عن.
(٣) في (أ) و (ج) : بمننه.