يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (١٦٤)) [آل عمران : ١٦٤].
وكما قال سبحانه : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (٤٥) وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً (٤٦)) [الأحزاب : ٤٥ ـ ٤٦]. فذكر سبحانه منته على عباده ، برسوله وكتابه. وما ذكر في ذلك مما تقول الرافضة ـ بحمد الله ـ قليلا ولا كثيرا ، ولا أنه جعل غير رسوله كما جعله سراجا منيرا ، فنحمد الله على ما أفرد به رسوله صلى الله عليه وعلى أهله من التقدمة والتبيين ، إلى الدلالة به لعباده على كل رشد أو دين ، فهدى به في أيام حياته ، وقبل نزول حمامه (١) ووفاته ، خلقا كثيرا من خلقه ، ودلّهم سبحانه على سبيل حقه ، وهو بينهم سويّ حيّ ، ينزل عليه ـ وهم معه أحياء ـ الوحي ، ببيان (٢) ما التبس عليهم ، وبما منّ الله به من بعث رسوله فيهم ، وقد أكمل لهم سبحانه قبل وفاته الدين ، وأبان لهم به (٣) صلى الله عليه وعلى أهله التبيين ، بأنور دليل ، وأقوم سبيل ، وأبلغ حجة في هدى وتبصير ، وأهدى هداية تكون بنذارة أو تذكير.
وفيهم ما يقول سبحانه : (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٠١)) [آل عمران : ١٠١]. وكما قال سبحانه : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) [المائدة : ٣] ، خبرا منه سبحانه عن أنه قد بيّن لهم دينهم كله جميعا تبيينا ، ومن ذلك ما يقول سبحانه : (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ) [الأنعام : ١٤٩]. وقوله سبحانه : (وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ) (١١٩) [الأنعام : ١١٩]. ويقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا
__________________
(١) الحمام : الموت.
(٢) سقط من (أ) و (ج) : الوحي. وفي (أ) : بيان.
(٣) سقط من (أ) و (ج) : به.