مع ما بيّن في غير هذا من بعده عن شبه الأشياء ، من النور وغيره من كل ظلمة وضياء ، من ذلك قوله سبحانه : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٠٣)) [الأنعام : ١٠٣]. وقوله سبحانه : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشورى : ١١]. وقوله جل جلاله ، عن أن يحويه قول أو يناله : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (٤)) [الإخلاص : ٤] ، والكفؤ : فهو المثل والند. فلو كان كما قال هشام وأصحابه نورا وجسما ، أو كان كما قال ابن الحكم لحما أو دما ، لكانت أكفاؤه عددا ، وأمثاله سبحانه أشتاتا (١) بددا ، لأن الأنوار في نورها متكافية ، والأجسام في جسميتها متساوية ، وكذلك تكافؤ اللحم والدم ، كتكافؤ الجسمية كلها في الجسم ، ولو كان كما قال أصحاب النور نورا محسوسا ، لكانت الظلمة له ضدا ملموسا ، ولو كان بينهما كذلك لوقع بينهما ما يقع بين (٢) الأضداد ، من التغالب والتنافي والفساد ، فسبحان من ليس له ند يكافيه ، ولا ضد من الأضداد ينافيه ، (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (٦٢)) [الزمر : ٦٢].
وما قالت به الرافضة من هذا فقد تعلم (٣) أن كثيرا منها لم يقصد فيه لما قصد ، أو يعتقد من الشرك بالله في قوله به ما اعتقد ، ألا وإن ما قالوا به في الله ، أشرك الشرك بالله ، فنعوذ بالله من الشرك بربوبيته ، والجهل لما تفرد به من وحدانيته.
هذا إلى (٤) ما أتوا به من الضلال بقولهم في الوصية ، وما أعظموا على الله وعلى رسوله في ذلك من الدعوى والفرية ، التي ليس لهم بها في العقول حجة ولا برهان ، ولم ينزل بها من الله وحي ولا فرقان.
وما قالت به الرافضة في (٥) الأوصياء من هذه المقالة فهو قول فرقة كافرة من أهل
__________________
(١) في (ب) و (د) : أشياء.
(٢) في (ب) و (د) : من.
(٣) في (ب) : علمت.
(٤) سقط من (ب) و (د) : إلى.
(٥) في (أ) و (د) : من.