الهند يقال لهم البرهمية ، (١) تزعم أنها بإمامة آدم من كل رسول وهدى مكتفية ، وأن من ادعى بعده نبوة أو رسالة ، فقد ادعى دعوة كاذبة ضآلة ، وأنه أوصى بنبوته إلى شيث ، وأن شيئا أوصى إلى وصي (٢) من ولده ، ثم يقودون وصيته بالأوصياء إليهم ، ولا أدري لعلهم يزعمون أن وصيته اليوم فيهم.
ولو كان الهدى في كل فترة كاملا موجودا ، ولم يكن إمام الهدى في كل أمة مفقودا ، لما جاز أن يقال لفترة من الفترات فترة ، ولا كانت للجاهلية في أمة من الأمم قهرة ، وقد ذكر الله لا شريك له أنه لم يرسل محمدا عليهالسلام إذ أرسله ، ولم يرسل من أرسل من الرسل قبله ، إلا في أمة ضآلة غير مهتدية في دينها لحظها ، ولا مستحقة على الله بإصابة رشد (٣) لحفظها ، ولكن رحمة (٤) منه سبحانه لها وإن ضلت ، وإحسانا منه إليها في تعليمها إذ جهلت ، كما قال الله سبحانه : (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) [البقرة : ٢١٣] ، فأخبر أنهم كانوا ضالين غير مهتدين. ولو كان فيهم حينئذ وصي وأوصياء ، لكان فيهم يومئذ لله ولي وأولياء ، ولما جاز مع ذلك ، لو كان كذلك ، أن يقال لهم : أمة واحدة ، لأنهم فرق متضادة ، لا تجمعهم في الهدى كلمة ، ولكنهم في الضلال أمة.
وكما قال سبحانه في بعثته لمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (وَما كُنْتَ
__________________
(١) البراهمة نسبة إلى هندي يدعى (برهم) وهم طوائف ثلاث : فطائفة تقول : بقدم العالم ، وتعترف بمدبر له قديم ، إلا أنها تعتقد أن الإنسان غير مكلف بسوى المعرفة.
وطائفة تقول : بحدوث العالم ، وتعترف بوجود صانع حكيم ، ولكنها تنكر الرسل والكتب السماوية وترى أن لا واسطة بين الله تعالى وخلقه غير العقل.
وطائفة ثالثة تقول : بحدوث العالم ووجود الخالق ، ولكنها تؤمن بأن مدبرات العالم : الأفلاك السبعة (البروج الاثنا عشر) ، ولا تزال هذه النحلة الباطلة قائمة في الهند يعتنقها الكثيرون من أبنائها.
ذكر بعض كتاب الملل والنحل أن من عقائدهم أنهم لا يأكلون البقر وأنهم يغتسلون ببولها. فلعلهم فرقة من الهندوس عباد البقر.
(٢) في (أ) و (د) : أوصى من ولده.
(٣) في (ب) : رشدها.
(٤) في (ب) و (ج) : برحمة.