فأرسلت ، ولم أكن عالما فعلّمت ، فلا تقولوا فيّ فوق طولي) (١).
وقد قال الله تبارك وتعالى : (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى (٧)) [الضحى : ٧]. فسماه ضالا ثم هداه ، ولم تكن ضلالة رسول الله صلىاللهعليهوآله ضلالة شرك ، ولا كضلالة قريش ، ولا كضلالة اليهود والنصارى ، غير أنه كان ضالا (٢) عن الشرائع ، أي جاهلا بالشرائع حتى بصّره الله وهداه وعرّفه ، ولم يجهل رسول الله صلىاللهعليهوآله رب العالمين.
أما بلغك قول الله سبحانه لنبيه : (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) [طه : ١١٤]؟! وهل تكون الزيادة إلا من نقصان ، فما لم يكن لرسول الله صلى الله عليه ، فلا يكون لأحد من خلق الله ، وكل عالم بعد جهل يعلم ، ولا بد أن يقع اسم الجهل على كل خلقه ، كيلا يشبّه أحد من خلقه به ؛ لأن الله لم يجهل ولم يتعلم. ولم يزل عالما ، وكل خلقه بعد جهل تعلموا ، والله سبحانه لم يجهل ولم يتعلم. ولو كان على ما قالت الروافض بأن الأئمة علماء غير متعلمين ، ولا يجوز الجهل في وقت من الأوقات على أحد من الأئمة ، فسبحان الله أفليس قد شبهتموه (٣) برب العالمين ، إذ لم يجهل صاحبكم ولم يتعلم ، أو ليس قد شبهتموه بالله بقولكم ، إذ (٤) زعمتم أنه يعلم الغيب ، ويعلم أعمال العباد (ومواضعهم ، وكل رجل باسمه ونسبه ، ويعلم ما تلفظونه ، ويعلم ما في قلوب العباد) (٥) ، فسبحان الله عما يقولون! وهل هذه إلا صفة رب العالمين؟!
__________________
(١) لم أقف على هذا الحديث بهذا اللفظ ، ووقفت على حديث طويل عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم في آخره : (لا تطروني كما أطري ابن مريم ، وإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله). أخرجه البخاري رقم (٣١٨٩) أحمد بن حنبل رقم (١٤٩ ، ١٥٩ ، ٣١٣ ، ٣٦٨) ، والدارمي برقم (٢٦٦٥) ، وأبو داود ١٠١ برقم (١٠٤) ، وفي بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث ٢ / ٨٨٣ (٩٥٢) ، : (لا ترفعوني فوق حقي ، إن الله اتخذني عبدا ، قبل أن يتخذني نبيا). والطبراني في الكبير. ٣ / ٢٨٨. (٢٨٨٩) ، بلفظ :
(اتخذني رسولا).
(٢) في (أ) و (ج) : ضلال.
(٣) في (أ) و (ج) : شبهوه.
(٤) في (ب) : إن. وسقط من (أ) و (ج).
(٥) سقط من (أ) : ما بين القوسين.