الأمر على ما وصفتهم ، لم يقل تبارك وتعالى بخلاف قولكم ، لقوله : (لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ) وقد قال تبارك وتعالى : (وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) [لقمان : ٢٩]. فهل أصحابكم إلا من الأنفس ، وقد قال الله تبارك وتعالى : (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً) [النحل : ٧٣]. فقد جمعت هذه الآية جميع ولد آدم ، لأن كل ولد آدم خرجوا من بطون النساء ، كل نبي وغيره ، وقد أخبرنا أنهم لم يعلموا شيئا حتى علّموا ، وقد قال ـ تصديق ما قلنا في محكم كتابه ـ : (ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ) [الشورى : ٥٢]. وجميع دعواكم مكذّب له كتاب الله ، فيا سبحان الله ما أعظم ما تقولون! وهل الشرك إلا دون ما تزعمون.
فإن زعموا أنهم (١) يجهلون تأويل كتاب الله ، والنظر فيه ، ويحتجون علينا بشيء ، وتأويله خلاف ما يظنون (٢).
يقال لهم : كيف ذلك؟
فإن زعموا أنه ليس لأحد ينظر في تأويل كتاب الله ، ولا يحتج به إلا الأئمة.
يقال لهم : أخبرونا عن القرآن كله ليس لأحد ينظر في كتاب الله ، ولا يحتج به إلا الأئمة ، ولا يتدبر إلا هم؟
فإن قالوا : نعم.
فقل لهم : فلم يتعلم الناس كتاب الله وهم لا يتدبرونه (٣)؟ وكيف وقد أكذب (٤) الله قولكم بقوله تبارك وتعالى : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها (٢٤)) [محمد: ٢٤]. أفترى هذا قول (٥) الله للأئمة؟!
__________________
(١) في (أ) و (ج) : بأنهم.
(٢) في (ب) و (د) : تظنون.
(٣) في (أ) و (ج) : لا يتدبرون فيه.
(٤) في (ج) : كذّب.
(٥) في (ج) : قال.