إلا عند بلوغه فكيف يأمنه على خلافته؟!
وقد رويتم وروينا أن جعفر بن أبي طالب جلس بين يدي النجاشي فقرأ آية من الإنجيل ففهمها جعفر فضحك ، فغضب النجاشي! فقال : يا جعفر أبكتاب الله تهزأ؟! والله إن الله أنزل على موسى في التوراة ، وعلى داود في الزبور ، وعلى عيسى في الإنجيل ، وعلى نبيئك في القرآن (أن (١) إذا ولي الخلائق الأطفال نزلت عليهم من السماء لعنة ، أو أفرغت عليهم من السماء لعنة) (٢) فكيف ـ ويحكم ـ يكون الطفل إمام المسلمين.
وإن زعمت الروافض بأن يحيى بن زكريا كان صبيا وكان نبيئا!
يقال لهم : أحكم الأنبياء وحكم الأئمة واحد؟
فإن قالوا : نعم.
يقال لهم : فبم بان الأنبياء من غيرهم؟ إلا أن الأنبياء أعطوا ما لم يعط غيرهم من الأئمة ، وأعطي الأئمة ما بانوا به من سواهم من الخلائق. مع أن يحيى بن زكريا لم يرسل إلى أحد من خلق الله ، وكان نبيا ولم يكن مرسلا ، ولم يل أحكام الأمة ، وكانت الأحكام إلى غيره ـ إلى زكريا ـ مع أن يحيى دعاء زكريا إذ قال : (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا) [مريم : ٥]. وقال : (وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ (٨٩)) [الأنبياء : ٨٩]. وقال : (رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ) [آل عمران : ٣٨]. فوهب الله يحيى إجابة لزكرياء ، وكان في وقت يحيى الحجة زكرياء.
فإن زعمت الروافض أن عيسى بن مريم تكلم في المهد صبيا.
يقال لهم : أفتزعمون أن عيسى بن مريم ، وصاحبكم شيء واحد؟! ألا ترى أن الله يعجّب به خلقه ، وأخبرهم بقدرته إذ قال : (وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً)
__________________
(١) في (ب) و (د) : وأنه.
(٢) لم أقف على هذه القصة. وفيها إشكال ، وهو ذكر النجاشي لنزول ما ذكر في القرآن. من أين عمله؟! وأيضا أين هو؟!