نفسه خلاف ما يعلم من الحق. فسبحان الله ما أبين تكذيب دعواكم! وأبطل قولكم! وعبث ما أنتم فيه! إذ نرى فيكم ضعفاء فقراء محاويج ، من شيخ ضعيف ، أو أرملة ضعيفة ، أو يتيم طفل ، أو مديون مغموم ، أو غريب محتاج إلى النكاح ، أو فقير محتاج لا حيلة له ، ولا مبيت عنده ، وزعمتم أنه يعرف مكانكم ، ويرى أفاعيلكم ، ويعلم حالكم (١) ، أو ليس عليه أن يغيّر حالكم ، ويفرّج على مغمومكم ، ويقضي عن مديونكم؟! إذ زعمتم أنه قام مقام النبيين.
وقد قال الله تبارك وتعالى : (وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً) [الأحزاب : ٤٣]. فكانصلىاللهعليهوآلهوسلم يعطي ضعفاء أمته حتى يستأثرهم على نفسه وعياله ، وقد
__________________
(١) عن إبراهيم بن مهزم قال : خرجت من عند أبي عبد الله ليلة ممسيا فأتيت منزلي بالمدينة وكانت أمي معي فوقع بيني وبينها كلام فأغلظت عليها فلما كان من الغد صليت الغداة وأتيت أبا عبد الله فقال مبتدئا : يا بن مهزم ما لك وللوالدة أغلظت لها البارحة ...
دلائل الإمامة / ١١٥ ، بصائر الدرجات : ٢٦٣ / ٣ ، مناقب ابن شهرآشوب ٤ / ٢٢١ ، إثبات الهداة ٣ / ١٠٢ (٨٨).
ونقل عن أبي الحسن الرضا أنه كان جالسا وعنده إسحاق بن عمار ، فدخل عليه رجل من الشيعة ، فقال له : يا فلان ، جدد التوبة وأحدث العبادة ، فإنه لم يبق من عمرك إلا شهر ، قال إسحاق : فقلت في نفسي : وا عجباه كأنه يخبرنا أنه يعلم آجال الشيعة أو قال : آجالنا ، قال : فالتفت إليّ مغضبا ـ لأنه عرف ما اختلج في صدره ـ وقال : يا إسحاق وما تنكر من ذلك ... يا إسحاق أما إنه يتشتت أهل بيتك تشتتا قبيحا ، ويفلس عيالك إفلاسا شديدا. رجال الكشي / ٣٤٨ ترجمة إسحاق بن عمار.
وعن أبي كهمس قال : كنت بالمدينة نازلا في دار بها وصيفة تعجبني ، فانصرفنا ليلة ممشانا فاستفتحت الباب ففتحت لي ورددت يدي إلى ثدييها فقبضت عليهما ، فلما كان من الغد دخلت على أبي عبد الله فقال : يا أبا كهمس تب إلى الله عزوجل مما صنعت البارحة. دلائل الإمامة / ١١٥.
وعن أبي بصير قال : كنت عند أبي عبد الله ذات يوم جالسا إذ قال : يا أبا محمد هل تعرف إمامك؟ قلت : إي والله الذي لا إله إلا هو وأنت هو ووضعت يدي على ركبته أو فخذيه ، فقال : صدقت ، قد عرفت فاستمسك به. قلت : أريد أن تعطيني علامة الإمام؟ قال : يا أبا محمد ليس بعد المعرفة علامة. قلت : ازداد إيمانا ويقينا ، قال : يا أبا محمد ترجع إلى الكوفة وقد ولد لك عيسى ومن بعد عيسى محمد ومن بعدهما ابنتان ، واعلم أن ابنيك مكتوبان عندنا في الصحيفة الجامعة مع أسماء شيعتنا وأسماء آبائهم وأمهاتهم وأجدادهم وأنسابهم وما يلدون إلى يوم القيامة ، وأخرجها فإذا هي صفراء مدرجة. كشف الغمة في معرفة الأئمة للإربلي ٢ / ٤٠٢.