فيا سبحان الله! أو ليس يكفي دون ما وصفنا لمن وهب الله له أدنى فهم ، واستقر في قلبه أدنى إيمان ، أن يعرف اختلاف قولكم ، وتكذيب دعواكم ، وعيوب ما أنتم فيه من(١) باطلكم ، ولكن الله يهدي لدينه من يشاء.
زعمتم [أنه] يخبركم لمعرفته بقبولكم ، ويكتم غيركم لمعرفته بجحودهم ، فسبحان الله ما أبين هذا الفعل أنه مضاد لفعل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ إذ زعمتم أن صاحبكم يقوم مقام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويهدي بهدي رسول الله عليهالسلام ، ويفعل أفاعيل رسول الله صلىاللهعليهوآله ، أفهكذا كان فعل رسول الله عليهالسلام أن يكتم بعضا ، ويخبر بعضا؟! أو أخبر الجميع؟ قبله من قبله ، وعصاه من عصاه.
فإن زعمتم أنه أخبر بعضا وكتم بعضا ، فقد عظم فراؤكم على رسول اللهصلىاللهعليهوآله ، وزعمتم بأنه لم ينصح العباد إذ نصح قوما دون قوم ، وزعمتم بأنه لم يبلغ رسالات الله إلا قوما دون قوم ، ويلكم كيف وقد قال الله لنبيه أن يبلغ الناس لقوله : (إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) [الأعراف : ١٥٨]. ولقوله تبارك وتعالى : (* يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) [المائدة : ٦٥] ، فوعده أن يحفظه ممن كان يحذره رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) ، فأبلغ الثقلين الجن والإنس عامة كافرهم ومؤمنهم ، فقبل من قبل ، وعصى من عصى ، فكان حجة لمن قبل ، وحجة على من عصى ، وكذلك أهله. (٣) وبدون هذا يكتفي المؤمن.
وأول من حاز الوصية وادعا علم آدم قوم يقال لهم الإبراهيمية ، وجعلوا الوصية وراثة من أب عن أب ، وهم من الهند ، وهم سادات البلاد ، وزعموا أن آدم أوصى إلى
__________________
ـ عليه وآله فاطمة عليهاالسلام منها ، قيل : ولم يجلدها؟ قال : لفريتها على أم إبراهيم. تفسير الصافي سورة الأنبياء ٢ / ١٠٨.
(١) في (أ) و (ج) : فيه وباطلكم.
(٢) في (أ) : ويخلي أهله فأبلغ ... ولعلها زيادة.
(٣) في المخطوطات : من عصى وعلى أهله. وبدون ولعلها مصحفة ، والصواب ما أثبت والله أعلم.