الله عليه فيما أراد من ذلك مخالفا ، (تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا) (١).
[الطاعة والمعصية فعل العبد]
والدليل على أن ما فعلوا من طاعة الله ومعصيته فعلهم ، وأن الله جل ثناؤه لم يخلق ذلك ، إقبال الله تبارك وتعالى عليهم بالموعظة ، والمدح والذم والمخاطبة ، والوعد والوعيد ، وهو قوله جل ثناؤه : (فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٢٠)) [الانشقاق : ٢٠]. وقوله : (وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) [النساء : ٣٩]. ولو كان هو الفاعل لأفعالهم الخالق لها ، لم يخاطبهم ولم يعظهم ، ولم يلمهم على ما كان منهم من تقصير ، ولم يمدحهم على ما كان منهم من جميل وحسن ، كما لم يخاطب المرضى فيقول : لم
__________________
ـ المتناهية ١ / ٢١٩ ، والجويني في جنة المرتاب ١ / ٤٢.
ولله در القائل :
المجبرون يجادلون بباطل |
|
وخلاف ما يجدون في القرآن |
كل مقالته الإله أظلني |
|
وأراد ما قد كان عنه نهاني |
أيقول ربك للخلائق أسلموا |
|
جهدا ويجبرهم على العصيان |
إن صح ذا فتعوذوا من ربكم |
|
وذروا تعوذكم من الشيطان |
ولمزيد من الاطلاع على العلاقة الوثيقة بين القدرية المجبرة وبين زعيمهم الشيطان الرجيم يرجع إلى كتاب رسالة إبليس إلى إخوانه المناحيس للحاكم الجسمي البيهقي وهو مطبوع متداول.
وأخرج السمان في أماليه عن الحسن : قدم رجل من فارس على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : رأيتهم ينكحون أمهاتهم وبناتهم وأخواتهم!! فإذا قيل : لم تفعلون!؟ قالوا : قضاء الله وقدره.
فقال صلى الله على وآله وسلم : أما إنه سيكون قوم من أمتي يقولون مثل ذلك. ورواه الأمير الحسين في ينابيع النصيحة / ١٦٤ ، والزمخشري في الفائق.
ولقد أبطل مذهبهم الإمام الهادي حفيد الإمام القاسم عليهماالسلام بكلمتين وذلك عند ما سأله النقوي : ما تقول يا سيدنا في المعاصي؟ فقال الإمام : ومن العاصي؟ فسكت فلامه أصحابه. فقال : ويحكم إن قلت : الله ، كفرت. وإن قلت : العبد ، تركت مذهبي. ثم تاب وتابع الإمام الهادي عليهالسلام.
(١) سقط ما بين القوسين من (أ) و (ج) : سهوا.