[هود : ٧]. تأويل ذلك : وكان ملكه على الماء ، كما كان عرشه الذي هو ملكه بعد خلقه للسماء على السماء.
وكذلك ذكر أن كرسيه قد (١) وسع السماوات والأرض كلها ، ولم يذكر أنه جعل الكرسي موضعا لها ، بل ذكر أنها كلها فيه ، ولم يذكر أنه هو فيها ، وكان ذلك من الدلالة على أن (٢) الحفظ والملك هو الكرسي بعينه ، لا ما يتوهم (٣) من عمي عن تنزيل الله في ذلك وتبيينه ، وإنما ذكر الله الكرسي والعرش دلالة للعباد بذكرهما ، على ما ذكرنا ـ إن شاء الله ـ من أمرهما.
وإنما فهّم الله جل ثناؤه عباده ، وأبان لهم في كثير مما نزل الله من آياته رشاده ، بما (٤) ضرب لهم في ذلك من الأمثال ، وذكر برحمته من شبه ومثال ، وأمثال الأشياء ومثلها ، وفروع الأشياء وأصولها ، فليست بالأشياء أنفسها ، ولا بأعيان ما مثّل بها ، ولكنها أشباه ونظائر يستدل عليها ، من فكّر بعون الله فيها.
وفيما ذكر الله سبحانه من ضربه للأمثال ، وما فيها للمؤمنين من الهدى والاستدلال ، ما يقول سبحانه : (* إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ (٢٦)) [البقرة : ٢٦]. ولا يهتدي لذلك إلا من اتقى (٥) ، كما قال تبارك وتعالى : (الم (١) ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (٢)) [البقرة : ١ ـ ٢]. فليس يرتاب ـ والحمد لله ـ في الكتاب ، أحد من أهل التقى والألباب ، فالحمد لله رب العالمين كثيرا ، (٦) على ما نوّر لأهل التقى بكتابه من
__________________
(١) سقط من (ب) و (د) : قد.
(٢) سقط من (ب) : أن.
(٣) في (ج) : لا يتوهم.
(٤) في (ب) و (د) : آيات رشاده. وفي (أ) و (ج) و (ه) : مما ضرب.
(٥) في جميع المخطوطات : اتقاه. ولعلها مصحفة والصواب ما أثبت.
(٦) سقط من (أ) و (ج) : كثيرا.