الهدى تنويرا.
وفيما ضرب سبحانه للناس من الأمثال ، فيما نزل سبحانه من القرآن ، ما يقول تبارك وتعالى : (وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٧)) [الزمر : ٢٧]. ويقول سبحانه : (وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ (٤٣)) [العنكبوت : ٤٣]. وكذلك فقد يجوّز الفكر في الكرسي والعرش ، وما ذكره الله له من القبضة والبطش ، فنفى (١) عنه جل جلاله في قليل ذلك وكثيره ، مشابهة كبير خلقه وصغيره ، كما نفى عنه فيما ذكر من صفاته لنفسه ، مشابهة جن الخلق وإنسه ، كما قال سبحانه : (خَبِيرٌ بَصِيرٌ) [الشورى : ٢٧] ، ولا يمثل في ذلك من خلقه بالمختبرين المبصرين ، وقيل : كبير وقدير (٢) ولا يشبه بكبير الأشياء في الطول والعرض ولا بالمقتدرين ، وكما قال سبحانه : (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٧٤)) [الواقعة : ٩٦ ، ٧٤ ، الحاقة : ٥٢]. وقال : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ). ولا يشبه في العظم ، بعظم جثة ولا جسم ، ولا يمثل في الرحمة (٣) أرحم الراحمين ، بمن كان رحيما من الآدميين ، ومتى ما (٤) توهم ذلك متوهّم واعتقده في الله ، فهو ـ صاغرا ـ من المنكرين لله.
وكذلك صفات الله وأسماؤه كلها الحسنى ، فتعالى فيها كلها عن شبه الخلق في كل معنى.
وكذلك قبضته وبطشه ، وكرسيه وعرشه ، فلا يتوهم عرشه وكرسيه (٥) ذا قوائم وأركان ، ولا يتوهم قبضته وبطشه بكف ذات بنان ، ومتى ما توهم (٦) ذلك متوهم أو اعتقده في الله ، فهو مشرك لا شك بالله ، وبريء من توحيد الله ومعرفته ، إذ أشرك غيره
__________________
(١) في (ب) و (د) : فيفنى.
(٢) في (أ) : كبير قدير.
(٣) في (ب) : رحمة.
(٤) في (ب) و (د) : ومتى وهم ذلك متوهم أو اعتقده.
(٥) في (ب) و (د) : كرسيه وعرشه.
(٦) في (أ) و (ج) : ومن توهم.