صادق ، مثّله العزيز الصادق (١) الخالق ، الذي أصدق الأقوال أقواله ، وأصح (٢) الأمثال أمثاله. وكذلك فقد يمكن ما قلنا وفسرنا ، في الكرسي والعرش على ما مثّلنا وذكرنا.
ولفي التمثيل لهم بما (٣) يعرفون من الأمثال ، ما يقول في كتابه ذو الكبرياء والجلال : (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) [البقرة : ٧]. فلا يتوهم ختم بخاتم ولا طين ، ولا يتأوله كذلك من يفرق بين لبس وتبيين.
ومثل ذلك قوله سبحانه : (وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ) [الأنعام : ٢٥]. ولا يتوهم أحد وإن جهل وجفا ، الأكنة أغطية وغلفا.
وكذلك قوله ، جل جلاله : (وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ) [الإسراء : ٢٤] ، و (وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ) [القصص : ٣٢] ، فهل يتوهم الجناح في ذلك كله كجناح طائر ، إلا كل أحمق من السامعين عم حائر. وما في هذا ومثله من الأمثال ، فيكثر عن أن نذكره في مقال ، فنعوذ بالله من العمى والحيرة ، ونستمتعه بما وهبه من الهدى والبصيرة ، فإنا في دهر عم تمكن فيه الجهلة العمون ، فقالوا على الله تبارك وتعالى بما لا يعلمون ، وخرجوا بمقالتهم (٤) في الله من حقيقة توحيد الله وهم لا يشعرون.
فإن قال قائل : فما وجه التسمية ، في الحمل للعرش لعدة (ثَمانِيَةٌ) [الحاقة : ١٧] ، وما تأويل (فَوْقِهِمْ)؟
قيل : أما فوقهم ، فهو على (٥) الحمال ورءوسهم ، وأما ثمانية فإني أحسب ـ والله أعلم ـ أن أكرم ما كان يعرف الأولون عندهم من العروش (٦) والكراسي ، التي كانت تتخذ فيما خلا لملوك الأمم في الزمان الماضي ، ما كان من العروش ذا ثماني قوائم في
__________________
(١) سقط من (أ) و (ج) : الصادق.
(٢) في (ب) و (د) : وأصلح.
(٣) في (د) : ما. وسقط من (ب).
(٤) في (ب) و (د) : بمقالهم.
(٥) في (ب) و (د) : أعلا.
(٦) في (ب) و (د) : أن كان أكرم ما كان يعرف الأوان عندهم من العرش.