وليس أحد عقل أو لم يعقل من الناس ، يتوهم أن الدهر ذو مخالب ولا أنياب ولا أضراس.
وقال ابن ميادة :
فإن يك ظني صادقى وهو صادقى |
|
بعبس يكن بالمشرفي عتابها |
ويحتلبوها أم سقبين لاقحا |
|
عنيفا بأيدي الحالبين احتلابها (٢) |
يريد بقوله الحرب ، وقد علم أن كل حرب ليست تلقح بسقبين ولا سقب ، ولا بذات درّ ولا حلب. والسقب فهو ولدها إذا كان صغيرا ، والحلب فهو لبنها قليلا كان أو كثيرا ، وقد علم أن هذا كله لا يتوهم فيها ولا عليها ، وقد جاز أن ينسب كما ترى في الأمثال إليها.
وكذلك قال النميري :
وحرب قد حلبناها صراها |
|
وحرب قد حلبناها علالا |
إذا لبست عوان الحرب جلّا |
|
كشفنا عن مشاعرها الجلالا (٣) |
والمشاعر : هي القوائم. والصرا : هو جمع اللبن في الضرع حينين ، والعلال : فهو حلب (٤) اللبن في كل حين.
وقد قال زهير في الحرب :
فتعرككم عرك الرحا بثفالها |
|
وتلقح كشافا ثم تحمل فتتئم |
فتنتج لكم غلمان أشأم كله |
|
كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم (٥) |
__________________
(٢) لم أقف عليه.
(٣) لم أقف عليه.
(٤) في (أ) : حلاب.
(٥) البيتان من معلقة زهير إحدى المعلقات السبع.