فنجد أسماء تظهر كيوحنا الدمشقي طبيب خلفاء بني أمية ، فيضع الكتب في جدال المسلمين في شكل فلسفي جدلي ، ويفعل ذلك قساوسة آخرون في أنحاء مختلفة من العالم الإسلامي ، بغرض الحيلولة بين جماهير المسيحيين والإسلام.
وأخذت المواجهة الفكرية طابعا جدليا عقليا ، وإن كان في إطار الحوار والمناظرة ، فنجد العديد من علماء المسلمين يضعون الكتب في مناقشة مذاهب النصارى ، وتحمل كتب الفهارس والفرق أسماء كتب عديدة وضعها علماء المسلمين في عصور مختلفة ، فنجد واصل بن عطاء يضع «رسالة في الرد على النصار» ، وكذلك أبا علي الجبائي ، والجاحظ ، حتى الخليفة المأمون يضع رسالة في الرد على عقائدهم هم واليهود ويسميها (كتاب في الرد على اليهود والنصارى) ، ويأتي بعد ذلك في القرن الرابع الهجري القاضي أبو بكر الباقلاني فيضع كتابه «التمهيد» ، ثم ابن حزم الأندلسي في القرن الخامس يضع كتابه «الفصل في الملل والنحل» ويخصص جزأ كبيرا منه في نقد المسيحية كتابا وعقيدة بطريقة منهجية رائعة ، تعد بعد ذلك نموذجا لكثير من العلماء في الشرق والغرب ، فقد بدأ بنقد النص في الأناجيل وأظهر تناقض واضعيها تناقضا فاحشا مما يدل على تحريفهم لها ، كل بحسب هواه ، ويسجل بعد ذلك القاضي عبد الجبار المعتزلي فصلا كبيرا في نقد النصارى والرد عليهم في موسوعته الكلامية «المغني» (انظر الجزء الخامس ، ويجمع فيه ردود كثير من علماء المعتزلة ، مما يجعله مصدرا أساسيا لهذه الردود التي اختفى أوضاع كثير منها) ، وكذلك ناقش الجويني عقائد النصارى وتبعه بعد ذلك تلميذه الغزالي.
ويرد في العصر الحديث رحمة الله هندي على العديد من كتب النصارى في كتابه «إظهار الحق» والذي حلل فيه الأناجيل ونقدها في دراسة علمية ضافية ، ولا ننسى كتابات الشيخ أحمد ديدات ومناظرته للعديد من قساوسة الغرب ، وكذلك الشيخ محمد الغزالي في كتابيه «قذائف الحق» و «التعصب بين المسيحية والإسلام».
ومن هنا ندرك مدى أهمية رسالة الإمام القاسم في الرد على فرق النصارى في خلافهم حول نزول عيسى واتصاله بأمه ، وكذلك اختلافهم في كيفية صعوده وتوحده بالكلمة ، واختلافهم حول حقيقة التجسد والاتحاد ، وهل هو بالناسوت أو اللاهوت ، أو بهما جميعا؟!