من الاعتقاد في جاهليتهم ، وقد يرفعونها ـ افتراء ـ إلى الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أو خطأ ، فأخذ التشبيه يتسرب إلى معتقد الطوائف ويشيع شيوع الفاحشة) (١).
ولم يهتم بنو أمية بالإسلام ولا برعاية شعوبهم دينيا ، بل كان لهم دور في فساد العقائد ، خاصة في مسألة الجبر التي تدعم سلطانهم ، فتسرب التشبيه والتجسيم لعقائد المسلمين. ودخل إلى الدين كمّ هائل من الأحاديث على يد مشبهة الرواة ، أجازوا فيها على الله التبعيض والجسمية ، والرؤية ، والمشي والنزول والمجيء ، واليدين والقدم والنفس والفوقية ، وصار دينهم جزأ أو شبيها بجزء كبير بدين اليهود (خلق آدم على صورة الرحمن) ، و (يضع الجبار قدمه في النار) ، و (قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن) ، وانظر في ذلك بحثا لي بعنوان (الصلة بين عقائد الوهابية والتوراة اليهودية) ، وكتاب (قراءة في كتب العقائد) للباحث السعودي حسن فرحان المالكي.
ويعلق الشهرستاني على هذه الظاهرة بقوله : إنهم أجروا لفظ هذه الأحاديث : (على ما يتعارف من صفات الأجسام ، وزادوا في الأحاديث أكاذيب وضعوها ونسبوها إلى الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم. وذهب الشهرستاني أن مصدر هذه الأحاديث هم اليهود فإن التشبيه فيهم طباع ، وأن التوراة مليئة بهذه التشبيهات الغليظة ، ويرد إلى التوراة حديث أطيط العرش : (إن العرش ليئط من تحته كأطيط الرحل الجديد ، وأنه ليفضل من كل جانب أربعة أصابع) (٢). ومن العجيب أن محدثا مشهورا كجبر بن مطعم يروي هذا الحديث ، ويرد عليه البيهقي (٣) في (الأسماء والصفات) بأن هذا الكلام ، إذا كان جرى على ظاهره فإن فيه نوعا من الكيفية ، والكيفية عن الله تعالى وعن صفاته منفية.
وأفحش الحشوية في مقالتهم فقالوا بقدم القرآن حروفه وأصواته ورقومه المكتوبة ، وأنها كلها قديمة أزلية ، وكان دليلهم على هذا بأنه لا يعقل كلام ليس بحرف ولا كلمة ولا كتابة له ، ورتبوا على ذلك نتيجة مشبوهة ، ظنوا أنها منطقية ، هو ما دام
__________________
(١) انظر مقدمة تبيين كذب المفتري للكوثري / ١٠ ـ ١١.
(٢) انظر الشهرستاني ١ / ١٥٣ ـ ١٥٤.
(٣) انظر البيهقي : الأسماء والصفات / ٤١٧٣.