معانيهم (١) ، فكان هذا عملا منهم غير محمود في عاجله وآجله.
قال «أبو محمد رضي الله عنه» : فجمعنا كتابنا هذا مع استخارتنا الله عزوجل في جمعه ، وقصدنا به إيراد البراهين المنتجة عن المقدّمات الحسية أو الرّاجعة إلى الحسّ من قرب أو من بعد على حسب قيام البراهين التي لا تخون أصلا مخرّجة إلى ما أخرجت له ، وألّا يصح منه إلّا ما صححت البراهين المذكورة فقط ، إذ ليس الحق إلا ذلك ، وبالغنا في بيان اللفظ وترك التعقيد ، راجين من الله عزوجل على ذلك الأجر الجزيل ، وهو تعالى وليّ من تولّاه ، ومعطي من استعطاه لا إله إلّا هو ، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
قال «أبو محمد» (رضي الله عنه) فنقول وبالله التوفيق : رءوس الفرق المخالفة لدين الإسلام ستّ ، ثم تتفرق كل فرقة من هذه الفرق السّتّ على فرق ، وسأذكر جماهيرها إن شاء الله تعالى.
فالفرق السّت التي ذكرناها على مراتبها في البعد عنّا.
أولاها : مبطلو الحقائق : وهم الذين يسميهم المتكلمون «السوفسطائية».
وثانيتها : القائلون بإثبات الحقائق ، إلّا أنهم قالوا : إنّ العالم لم يزل ، وأنه لا محدث له ولا مدبر.
وثالثتها : القائلون بإثبات الحقائق ، وأن العالم لم يزل ، وأنّ له مدبّرا لم يزل.
ورابعتها : القائلون بإثبات الحقائق. وقال بعضهم : إنّ العالم لم يزل ، وقال بعضهم : بل هو محدث. واتفقوا على أن له مدبّرين لم يزالوا ، وأنهم أكثر من واحد ، واختلفوا في عددهم.
وخامستها : القائلون بإثبات الحقائق ، وأن العالم محدث ، وأن له خالقا واحدا لم يزل ، وأبطلوا النبوّات كلّها.
وسادستها : القائلون بإثبات الحقائق ، وأن العالم محدث ، وأن له خالقا واحدا لم يزل ، وأثبتوا النبوّات ، إلّا أنهم خالفوا في بعضها فأقروا ببعض الأنبياء عليهمالسلام ، وأنكروا بعضهم.
__________________
(١) يريد أنهم ستروا فساد معانيهم بهذا.