مصاحف أهل الإسلام ما قدر ، وبقي كذلك اثني عشر عاما حتّى مات ، وبموته حصل الاختلاف ، وابتدأ أمر الرّوافض.
واعلموا أنه لو رام أحد أن يزيد في شعر النابغة أو شعر زهير كلمة أو ينقص أخرى ، ما قدر لأنه كان يفتضح للوقت ، وتخالفه النسخ المثبوتة ، فكيف والقرآن في المصاحف ..؟ وهي من آخر الأندلس وبلاد البربر وبلاد السودان ، إلى آخر «السند» و «كابل» ، و «خراسان» ، و «الترك» ، و «الصقالبة» ، وبلاد الهند ، فما بين ذلك. فظهر حمق الرّافضة ومجاهرتها بالكذب.
وممّا يبيّن كذب الروافض في ذلك ، أن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ، الذي هو عند أكثرهم إله خالق ، وعند بعضهم نبيّ ناطق ، وعند سائرهم إمام معصوم ، مفترضة طاعته ـ ولي الأمر فبقي خمسة أعوام وتسعة أشهر خليفة مطاعا ، ظاهر الأمر ، ساكنا بالكوفة ، مالكا للدنيا ، حاشا الشّام ومصر والفرات ، والقرآن يقرأ في المساجد وفي كل مكان ، وهو يؤم الناس به ، والمصاحف معه وبين يديه ، فلو رأى فيه تبديلا كما تقول الرّافضة أكان يقرّهم على ذلك ..؟
ثم ولي ابنه الحسن رضي الله عنه ، وهم عندهم كأبيه فجرى على ذلك. كيف يسوغ لهؤلاء النوكى (١) أن يقولوا : إنّ في المصحف حرفا زائدا أو ناقصا أو مبدّلا مع هذا ..؟ ولقد كان جهاد من حرّف القرآن ، وبدّل الإسلام ، أوكد عليه من قتال أهل الشام الذين إنّما خالفوه في رأي يسير رأوه ، ورأى خلافه فقط ، فلاح كذب الرّافضة ، ببرهان لا محيد عنه. والحمد لله رب العالمين.
وجوه نقل المسلمين لكتابهم ودينهم
قال أبو محمّد رضي الله عنه : ونحن إن شاء الله تعالى نذكر صفة وجوه النقل الذي عند المسلمين لكتابهم ودينهم ، ثم لما نقلوه عن أئمتهم حتّى يقف عليه المؤمن والكافر والعالم والجاهل عيانا إن شاء الله تعالى فيعرفون أين نقل سائر الأديان من نقلهم ، فنقول وبالله تعالى التوفيق :
إنّ نقل المسلمين لكلّ ما ذكرنا ينقسم أقساما ستة :
أولها : شيء ينقله أهل المشرق والمغرب عن أمثالهم جيلا جيلا ، لا يختلف فيه
__________________
(١) النوكى : الحمقى.