القصد إلى الإمام. وفيهم خناقون ورضّاخون. وكل هذه الفرق لا تتعلق بحجة أصلا ، وليس بأيديهم إلّا دعوى إلهام والقحة ، والمجاهرة بالكذب ، ولا يلتفتون إلى مناظرة. ويكفي من الرّد عليهم أن يقال لهم : ما الفرق بينكم وبين من ادّعى أنه ألهم بطلان قولكم ..؟ ولا سبيل إلى الانفكاك من هذا.
وأيضا فإنّ جميع فرق الإسلام متبرئة منهم ، مكفّرة لهم ، مجمعون على أنّهم على غير الإسلام ، ونعوذ بالله من الخذلان.
خروج أكثر هذه الفرق عن دين الإسلام
قال أبو محمد : الأصل في خروج هذه الطوائف عن ديانة الإسلام أن الفرس كانوا من سعة الملك وعلو اليد على جميع الأمم وجلالة الخطر في أنفسهم حتّى أنهم كانوا يسمّون الأحرار والأبناء ، وكانوا يعدّون سائر الناس عبيدا لهم ، فلما امتحنوا بزوال الدّولة عنهم على أيدي العرب ، وكانت العرب أقل الأمم عند الفرس خطرا ، تعاظمهم الأمر ، وتضاعفت لديهم المصيبة وراموا كيد الإسلام بالمحاربة في أوقات شتى ففي كلّ ذلك يظهر الله تعالى الحق ، وكان من قائمتهم منقاذ ، والمقنع ، واستايبن ، وبابك وغيرهم. وقبل هؤلاء رام ذلك عمار الملقب خذاشا ، وأبو مسلم السّراج فرأوا أن كيده على الحيلة أنجع ، فأظهر قوم منهم الإسلام واستمالوا أهل التشيع بإظهار محبّة أهل بيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، واستشناع ظلم عليّ رضي الله عنه ، ثم سلكوا بهم مسالك شتّى حتّى أخرجوهم عن الإسلام.
فقوم منهم أدخلوهم إلى القول بأن رجلا ينتظر يدعى المهدي عنده حقيقة الدين ، إذ لا يجوز أن يؤخذ الدّين من هؤلاء الكفار ، إذ نسبوا أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى الكفر. وقوم خرجوا إلى ما ذكرنا من نبوة من ادّعوا له النبوّة. وقوم سلكوا لهم المسلك الذي ذكرنا من القول بالحلول وسقوط الشرائع. وآخرون تلاعبوا بهم فأوجبوا عليهم خمسين صلاة في كل يوم وليلة. وآخرون قالوا : بل هي سبع عشرة صلاة في كل صلاة خمس عشرة ركعة. وهذا قول عمرو بن عبد الله بن الحارث الكندي ، قبل أن يصير خارجيّا صفريّا ، وقد سلك هذا المسلك أيضا عبد الله بن سبأ الحميري اليهودي ، فإنه لعنه الله أظهر الإسلام ليكيد أهله ، فهو كان أصل إثارة الناس على عثمان رضي الله عنه وأحرق عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه طوائف أعلنوا بإلاهيته.
ومن هذه الأصول الملعونة حدثت الإسماعيلية والقرامطة ، وهما طائفتان مجاهرتان بترك الإسلام جملة ، قائلتان بالمجوسية المحضة ، ثم مذهب مزدك الموبذ ،