تحت نوع واحد كالحمرة والصفرة والخضرة وهذا أمر يدرك بالعيان وأول الحسّ والعقل. وبالله تعالى التوفيق.
الكلام في الحياة
قال أبو محمد : قال قائلون : الاستدلال أوجب أن الباري تعالى حيّ ، لأن الأفعال الحكيمة لا تقع إلّا من الحي ، وأنه لا يعقل إلّا ميّت أو حيّ ، فلما أبطل إمكان وقوع الفعل من الميت ، صحّ وقوعه من الحي ولا بدّ.
ثم انقسم هؤلاء قسمين ، فطائفة قالت : هو تعالى حيّ لا بحياة ، وقال آخرون بل هو تعالى حي بحياة.
واحتجت طائفة بأن قالت : لا يعقل حيّ إلّا بحياة. ولم يكن الحيّ حيّا ، إلّا لأن له حياة ، ولو لا ذلك لم يكن حيّا. ولو جاز أن يكون حيا لا بحياة لجاز أن تكون حياة لا لحيّ.
وقال آخرون : لم يكن الحيّ حيّا لأن له حياة ، لكن لأنه فاعل قادر ، عالم فقط ، إذ لا يكون العالم القادر الفاعل إلّا حيّا.
قال أبو محمد : وكلا القولين في غاية الفساد ، لأن اتفاق الطائفتين على أن سمّوا ربهم حيّا من طريق الاستدلال ، إما لنفي الموت ، والجماد عنه ، وإمّا لأنه فاعل قادر ، عالم. ولا يكون الفاعل العالم القادر إلّا حيّا ، يلزمهم أن يطردوا استدلالهم هذا ، وإلّا فهم متناقضون ، وذلك أنه يلزمهم أن يقولوا : إنه تعالى جسم ، لأنهم لم يعقلوا قط فاعلا ، ولا حكيما ، ولا عالما ، ولا قادرا إلا جسما ـ فإذا لم يكن هذا دليلا على أنه جسم فليس دليلا على أنه حي.
وأيضا : فإن اتفاقهم على ما ذكرنا موجب عليهم أن يطردوا استدلالهم ، وإلّا كانوا مناقضين مبطلين لاستدلالهم ، وذلك يوجب على من قال : حيّ لا بحياة أن يطردوا استدلالهم ، وإلّا فهو فاسد ، لأنه لا يكون العالم القادر فيما بيننا إلّا ذا حياة ، ولا يكون حيا إلّا بحياة ـ لا يعقل غير هذا أصلا.
ويقال لهم : ما الفرق بينكم وبين من عكس قولكم فقال : إذا كان الحيّ لا يجب أن يقال له حي من أجل أنه حي ، ولا أنه إذا كان حيّا وجب أن يكون له حياة ، ولا أنه سمّى حيّ حيّا لأن له حياة ـ فكذلك لم يجب أن يكون الفاعل فاعلا لأنه حي لكن لأن له فعلا فقط ، ولا وجب أن يكون الفاعل فاعلا لأنه قادر عالم ، لكن لأن