الإيمان بالإله الباعث لمحمد صلىاللهعليهوسلم. وأن طريق كل ذلك طريق واحدة ، لا فرق فيها. وبالله التوفيق.
وأما شغب من شغب منهم بأننا نؤمن بموسى ، وهم لا يؤمنون بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، فهو شغب ضعيف بارد لأنهم لا يخلون من أن يكونوا إنما صدّقوا بنبوة موسى من أجل تصديقنا نحن ، ولو لا ذلك لم يصدقوا به ، أو يكون إنما صدّقوا به لما أظهر من البرهان فقط.
فإن كانوا إنما صدّقوا به من أجل تصديقنا نحن فواجب عليهم أن يصدقوا بمحمد صلىاللهعليهوسلم من أجل تصديقنا نحن به ، وإلا فقد تناقضوا.
وإن كان إنما صدّقوا به لما أظهر من الآيات فلا معنى لتصديق من صدّقه ولا لتكذيب من كذبه ، والحق حق صدقه الناس أو كذّبوه ، والباطل باطل صدّقه الناس أو كذبوه ، ولا يزيد الحق درجة في أنه حقّ إطباق الناس كلّهم على تصديقه ، ولا يزيد الباطل مرتبة في أنه باطل تكذيب الناس كلهم له.
ولا يظن ظانّ أننا في مناظرتنا من نناظره من أهل ملتنا المخالفين لنا في بعض أقوالنا بالإجماع قد نقضنا كلامنا في هذا المكان ، فليعلم أننا لم ننقضه لأن الإجماع حجة قد قام البرهان على صحتها في الفتيا في دين الإسلام. وما قام على صحته البرهان فهو حجة قاطعة على من خالفه ، وعلى من وافقه. وأمّا أن نحتج على مخالفنا بأنه موافق لنا في بعض ما نختلف فيه فليس حجة علينا ، فإن وجد لنا يوما من الأيام فإنما نخاطب به جاهلا نستكفّ تخليطه بذلك ، أو نبكته لنريه تناقضه فقط.
وأيضا فإنا إنما آمنا بنبوة «موسى» الذي أنذر بنبوة محمد صلىاللهعليهوسلم وبالتوراة التي فيها الإنذار برسالة محمد صلىاللهعليهوسلم باسمه ونسبه وصفة أصحابه رضي الله عنهم.
وهكذا نقول في «عيسى» والإنجيل حرفا حرفا ، لا بنبوة من لم ينذر بنبوة النبي صلىاللهعليهوسلم. ولا نؤمن «بموسى» و «عيسى» اللذين لم ينذرا برسالة محمد صلىاللهعليهوسلم ولا نؤمن بتوراة ولا إنجيل ليس فيهما الإنذار برسالة محمد صلىاللهعليهوسلم وبصفة أصحابه ، بل نكفر بكل ذلك ، ونبرأ منهم ، فلم نوافقهم قط على ما يدّعونه. فبطل شغبهم الضعيف وبالله تعالى التوفيق.
وجملة القول في هذا أن نقل اليهود والنصارى فاسد لما ذكرنا ، ونذكر إن شاء الله تعالى من عظيم المفتريات الداخلة في كتبهم المبينة أنها مفتعلة ، ونبيّن فساد نقلهم.