فإنما صدّقنا بنبوة موسى وعيسى عليهماالسلام لأن محمدا صلىاللهعليهوسلم صدّقهما وأخبرنا عنهما وعن أعلامهما ، ولو لا ذلك لما صدقنا بهما ولا قطعنا بصحتهما ، وكذلك نقول في «إلياس» و «اليسع» و «يونس» و «لوط» في ذلك.
كما أننا لا نقطع بصحة نبوة «سموال» و «حقاي» و «حبقوق» وسائر الأنبياء الذين عندهم كموسى وسائر من ذكرنا ولا فرق.
ولكن نقول «آمنا بالله وكتبه ورسله» فإن كان المذكورون أنبياء فنحن نؤمن بهم ، وإن لم يكونوا أنبياء فلا ندخل في أنبياء الله تعالى من ليس منهم بأخبار اليهود والنصارى الكاذبة التي لا أصل لها ، الراجعة إلى قوم كفار كاذبين ، وبالله تعالى نتأيد.
وقال تعالى : (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ) [سورة فاطر : ٢٤].
وقال تعالى في الرسل : (مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) [سورة غافر : ٧٨].
فنحن نؤمن بالأنبياء جملة ، ولا نسمي منهم إلّا من يسمي محمد (١) صلىاللهعليهوسلم فقط.
قال «أبو محمد» (رضي الله عنه) : ويقال لسائر فرق اليهود حاشا السامرية : ما الفرق بينكم وبين السامرية الذين كذبوا بنبوّة كل نبي صدقتم أنتم به بعد يوشع بمثل ما كذبتم أنتم به «عيسى» و «محمدا» صلىاللهعليهوسلم؟ .. وهذا ما لا انفكاك منه بوجه من الوجوه.
فإن ادّعوا أن عيسى ومحمدا عليهماالسلام لم يأتيا بالمعجزات بان كذبهم ومجاهرتهم ، إذ قد نقلت الكواف عن النبي صلىاللهعليهوسلم : أنه سقى العسكر في «تبوك» وهم ألوف كثيرة من قدح صغير نبع فيه الماء من بين أصابعه عليهالسلام (٢). وفعل أيضا مثل ذلك بالحديبية ، وأنه أطعم عليهالسلام في منزل «أبي طلحة» أهل الخندق حتى شبعوا (٣).
__________________
(١) أي من ينصّ عليه صلىاللهعليهوسلم في شريعته.
(٢) تقدم هذا الحديث مع تخريجه أكثر من مرة.
(٣) روى البخاري في الأطعمة باب ٦ ، ومسلم في الأشربة حديث ١٤٢ ، ومالك في صفة النبي صلىاللهعليهوسلم حديث ١٩ ، عن أنس بن مالك قال : قال أبو طلحة لأم سليم : لقد سمعت صوت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ضعيفا أعرف فيه الجوع ، فهل عندك من شيء؟ فقالت : نعم. فأخرجت أقراصا من شعير. ثم أخذت خمارا لها فلفّت الخبز ببعضه ثم دسّته تحت يدي وردّتني ببعضه. ثم أرسلتني إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم. قال : فذهبت به ، فوجدت رسول الله صلىاللهعليهوسلم جالسا في المسجد ومعه الناس ، فقمت عليهم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ارسلك أبو طلحة؟» قال : فقلت : نعم. قال : «للطعام؟» فقلت : نعم. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لمن معه : «قوموا». قال : فانطلق وانطلقت بين