وفي منزل «جابر» أيضا (١).
ورمى «هوازن» في جيش فعميت عيون جميعهم بتراب يده (٢) ، وفيها أنزل الله تعالى : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) [سورة الأنفال : ١٧].
__________________
أيديهم ، حتى جئت أبا طلحة فأخبرته ، فقال أبو طلحة : يا أم سليم قد جاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالناس وليس عندنا من الطعام ما نطعمهم. فقالت : الله ورسوله أعلم. قال : فانطلق أبو طلحة حتى لقي رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأقبل رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأبو طلحة معه حتى دخلا ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هلمي يا أم سليم ، ما عندك؟» فأتت بذلك الخبز ، فأمر به رسول الله صلىاللهعليهوسلم ففتّ وعصرت عليه أم سليم عكّة لها فآدمته. ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما شاء الله أن يقول. ثم قال : «ائذن لعشرة بالدخول» فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا. ثم قال : «ائذن لعشرة» فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا. ثم قال : «ائذن لعشرة» فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا. ثم قال : «ائذن لعشرة» حتى أكل القوم كلهم وشبعوا ، والقوم سبعون رجلا أو ثمانون رجلا.
(١) روى البيهقي في دلائل النبوة (٣ / ٤١٦ ، ٤١٧) والبخاري في صحيحه (كتاب المغازي ، باب ٣١ غزوة الخندق ، حديث ٤١٠١) واللفظ له ، عن جابر بن عبد الله قال : إنّا يوم الخندق نحفر فعرضت كدية شديدة ، فجاءوا النبي صلىاللهعليهوسلم فقالوا : هذه كدية عرضت في الخندق ، فقال : «أنا نازل» ثم قام وبطنه معصوب بحجر. ولبثتا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقا ، فأخذ النبي صلىاللهعليهوسلم المعول فضرب فعاد كثيبا أهيل ـ أو أهيم ـ فقلت : يا رسول الله ائذن لي إلى البيت! فقلت لامرأتي : رأيت بالنبي صلىاللهعليهوسلم شيئا ما كان في ذلك صبر فعندك شيء؟ قالت : عندي شعير وعناق. فذبحت العناق وطحنت الشعير حتى جعلنا اللحم في البرمة ، ثم جئت النبي صلىاللهعليهوسلم والعجين قد انكسر والبرمة بين الأثافي ، قد كادت أن تنضج ، فقلت : طعيم لي فقم أنت يا رسول الله ورجل أو رجلان. قال : «كم هو؟» فذكرت له ، قال : «كثير طيّب» قال : «قل لها لا تنزع البرمة ولا الخبز من التنّور حتى آتي» فقال : «قوموا» فقام المهاجرون والأنصار ، فلما دخل على امرأته قال : ويحك جاء النبي صلىاللهعليهوسلم بالمهاجرين والأنصار ومن معهم ، قالت : هل سألك؟ قلت : نعم ، فقال : «ادخلوا ولا تضاغطوا» فجعل يكسر الخبز ويجعل عليه اللحم ويخمّر البرمة والتنّور إذا أخذ منه ويقرّب إلى أصحابه ثم ينزع ، فلم يزل يكسر الخبز ويغرف حتى شبعوا وبقي بقيّة ، قال : «كلي هذا وأهدي فإنّ الناس أصابتهم مجاعة».
(٢) روى مسلم في صحيحه (كتاب الجهاد والسير ، باب في غزوة حنين ، حديث ٨١) عن إياس بن سلمة عن أبيه قال : غزونا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم حنينا ، فلما واجهنا العدوّ تقدمت فأعلو ثنيّة ، فاستقبلني رجل من العدوّ فأرميه بسهم فتوارى عني ، فما دريت ما صنع. ونظرت إلى القوم فإذا هم قد طلعوا من ثنيّة أخرى ، فالتقوا هم وصحابة النبيّ صلىاللهعليهوسلم. فولّى صحابة النبي صلىاللهعليهوسلم. وأرجع منهزما وعليّ بردتان متّزرا بإحداهما مرتديا بالأخرى ، فاستطلق إزاري ، فجمعتهما جميعا ومررت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم منهزما وهو على بغلته الشهباء ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لقد رأى ابن الأكوع فزعا». فلما غشوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم نزل عن البغلة ، ثم قبض قبضة من تراب من الأرض ، ثم استقبل به وجوههم فقال : «شاهت الوجوه» فما خلق الله منهم إنسانا إلا ملأ عينيه ترابا بتلك القبضة ، فولّوا مدبرين ، فهزمهم الله عزوجل ، وقسم رسول الله صلىاللهعليهوسلم غنائمهم بين المسلمين.