الظاهر. وقد بينا البراهين الموجبة لصحة هذا القول في كتابنا المسمى «الإيصال» (١) في كتاب الجهاد منه ، وفي كتاب الذبائح منه ، وفي كتاب النكاح منه ، والحمد لله رب العالمين ، ويكفي من ذلك صحة أخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم الجزية منهم وقد حرّم عزوجل في نص القرآن في آخر سورة نزلت منه وهي براءة أن تؤخذ الجزية من غير كتابيّ.
قال «أبو محمد» (رضي الله عنه) : وأما العيسوية من اليهود فإنه يقال لهم : إذا صدقتم الكافة في نقل القرآن عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، وفي نقل معجزاته ، وصحة نبوته فقد لزمكم الانقياد لما في القرآن من أنه عليهالسلام بعث إلى الناس كافة بقوله تعالى فيه آمرا لرسوله صلىاللهعليهوسلم أن يقول :
(يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) [سورة الأعراف : ١٥٨].
وقوله تعالى : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) [سورة آل عمران : ٨٥].
وقوله تعالى فيه : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ) إلى قوله : (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ) [سورة التوبة : ٢٩].
وما فيه من دعاء اليهود إلى ترك ما هم عليه ، والرجوع إلى شريعته عليهالسلام وهذا ما لا مخلص منه. فإن اعترضوا بما في القرآن بما حرّم عليهم يعني اليهود وحضهم على التزام السبت ، فإنّما هو تبكيت لهم فيما سلف من أسلافهم الذي قفوا هم آثارهم ، يبين هذا نص القرآن في قوله تعالى عن عيسى عليهالسلام : «أنه رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى بني إسرائيل ليحل لهم بعض الذي حرّم عليهم» (٢) وهذا نصّ جليّ على
__________________
التهذيب (١ / ١١٨) وتقريب التهذيب (١ / ٣٥) وخلاصة تهذيب الكمال (١ / ٤٤) والكاشف (١ / ٨٠) وتاريخ البخاري الصغير (٢ / ٣٧٢) والجرح والتعديل (٢ / ٩٧) وميزان الاعتدال (١ / ٢٩) ولسان الميزان (٧ / ١٦٨) والمغني في الضعفاء (١ / ١٣) وتذكرة الحفاظ (٢ / ١٢ ، ٧٨) وسير أعلام النبلاء (١٢ / ٧٢) وطبقات الحفاظ (٢٢٣) وتاريخ بغداد (٦ / ٦٥) وشذرات الذهب (٢ / ٩٣) والعبر (١ / ٤٢١) والنجوم الزاهرة (٥ / ٣٠١).
(١) هو كتاب «الإيصال إلى الخصال الجامعة لمحصل شرائع الإسلام في الواجب والحلال والحرام» أورد فيه ابن حزم أقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة في مسائل الفقه ودلائله (كشف الظنون : ص ٧٠٤ ، ٧٠٥).
(٢) نصّ الآية ٤٩ و ٥٠ من آل عمران : (وَرَسُولاً إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ) إلى قوله : (وَمُصَدِّقاً