جدّا ، وشيئا تندى منه الآباط. وهل يجهل أحد أن الأعداد المذكورة إنما هي يجتمع منها واحد وعشرون ألفا وثلاثمائة؟
هذا أمر لا ندرى كيف وقع؟ أتراه بلغ المسخم الوجه الذي كتب لهم هذا الكتاب الأحمق من الجهل بالحساب هذا المبلغ؟ إن هذا لعجب!! ولقد كان الثور أهدى منه ، والحمار أنبه منه بلا شك. أترى لم يأت بعده من اليهود مذ أزيد من ألف عام وخمسمائة عام من تبين له أن هذا خطأ وباطل؟ ولا يمكن أن يدعى هنا غلط من الكاتب ، ولا وهم من الناسخ ، لأنه لم يدعنا في لبس من ذلك ، ولا في شك من فساد ما أتى به ، بل أكد ذلك وبينه وفضحه وأوضحه بأن قال : إن بكور ذكور بني إسرائيل كانوا اثنين وعشرين ألفا ومائتين وثلاثة وسبعين ، وأن الله تعالى أمر «موسى» أن يأخذ بني لاوي الذكور عن بكور ذكور بني إسرائيل ، وأن يأخذ عن المائتين والثلاثة والسبعين الزائدين من بكور ذكور بني إسرائيل عن الاثنين وعشرين ألفا من بني لاوي عن كل رأس خمسة أثقال فضة ، فاجتمع من ذلك ألف ثقل وثلاثمائة ثقل ، وخمسة وستون ثقلا ، فارتفع الإشكال جملة. (وبالله التوفيق).
وتالله ما سمعنا قط بأخبث طينة ، ولا أفسد جبلة ممن كتب لهم هذا الضلال إلا من اتبعه وصدّق بضلاله. فهذه ست كذبات في نسق ، لو لم يكن في توراتهم منها إلّا واحدة لكان برهانا قاطعا موجبا لليقين بأنها كتاب موضوع بلا شك ، مبدّل محرّف مغير مكذوب. فكيف بجميع ما أوردنا من ذلك ونورد إن شاء الله ، ونعوذ بالله من الخذلان.
ويتلو هذا كذبة سابعة بشيعة شنيعة ، وهي أنهم لا يختلفون في أن داود عليهالسلام هو ابن «أبشباي بن عونيذ بن بوعز بن شلومون بن نحشون بن عميناداب بن أرام بن حصرون» لا يختلفون في أن «عونيذ» المذكور جد داود أبا أبيه كانت أمه «روث» العمونية التي لها عندهم كتاب مفرد من كتب النبوة ، ولا يختلفون في أن من خروجهم من مصر إلى ولاية «داود» عليهالسلام كانت ستمائة سنة وستّا وستين.
وفي نص التوراة عندهم وبلا خلاف منهم : أن مقدم بني يهوذا إذ خرجوا من مصر كان «نحشون بن عميناداب» المذكور ، وأنه أخو امرأة «هارون» عليهالسلام.
وفي نص توراتهم أنهم قالوا : قال الله تعالى : إنه لا يدخل الأرض المقدسة أحد خرج من مصر ، وله عشرون سنة فصاعدا إلا «يوشع بن نون» الأفرايمي ، و «كالب بن يفنّة اليهوذاني» ، فصح ضرورة أن «نحشون» مات في التيه ، وأن الدّاخل في أرض الشام هو