الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، حدثنا ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال ابن عباس : «كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء ، وكتابكم الذي أنزل على رسوله صلىاللهعليهوسلم حدث تقرءونه محضا لم يشب ، وقد حدّثكم أن أهل الكتاب بدّلوا كتاب الله تعالى وغيّروه ، وكتبوا بأيديهم الكتاب ، وقد قالوا : هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا» (١).
قال «أبو محمد» (رضي الله عنه) : هذا أصح إسناد عن ابن عباس رضي الله عنه ، وهو نفس قولنا ، وما له في ذلك من الصحابة مخالف.
وقد روينا أيضا عن عمر رضي الله عنه : أنه أتاه «كعب الحبر» بسفر وقال له : هذه التوراة أفأقرؤها؟ فقال له عمر بن الخطاب : إن كنت تعلم أنها التي أنزل الله على «موسى» فاقرأها آناء الليل والنهار. فهذا عمر لم يحققها.
قال «أبو محمد» (رضي الله عنه) : ونحن إن شاء الله تعالى نذكر طرفا يسيرا من كثير جدّا من كلام أحبارهم الذين أخذوا كتابهم ودينهم ، وإليهم يرجعون في نقلهم لتوراتهم ، وكتب الأنبياء ، وجميع شرائعهم ، ليرى كل ذي فهم مقدارهم من الفسق والكذب ، فيلوح له أنهم كانوا كذابين مستخفين بالدين. وبالله تعالى التوفيق. ولقد كان يكفي من هذا إقرارهم بأنهم عملوا هذه الصلوات شريعة عوضا مما أمر الله تعالى به من القرابين ، وهذا تبديل الدّين جهارا.
قال «أبو محمد» (رضي الله عنه) : ذكر أحبارهم وهو في كتبهم مشهور لا ينكرونه عند من يعرف كتبهم : أن إخوة يوسف إذ (٢) باعوا أخاهم طرحوا اللعنة على كل من بلّغ إلى أبيهم حياة ابنه يوسف ، ولذلك لم يخبره الله عزوجل بذلك ، ولا أحد من الملائكة. فاعجبوا لجنون أمة تعتقد أن الله خاف أن يقع عليه لعنة قوم باعوا النبي أخاهم ، وعقّوا النبي أباهم أشدّ العقوق ، وكذبوا أعظم الكذب ، فو الله لو لم يكن في كتبهم إلّا هذا الكذب ، وهذا الحمق ، وهذا الكفر لكانوا به أحمق الأمم ، وأكفرهم ، وأكذبهم ، فكيف ولهم ما قد ذكرنا ونذكر إن شاء الله تعالى؟
وفي بعض كتبهم أن «هارون» عليهالسلام قال لله تعالى إذ (٣) أراد أن يسخط
__________________
(١) أخرجه البخاري في الشهادات باب ٢٩ ، والاعتصام بالكتاب والسنة باب ٢٥ ، والتوحيد باب ٤٢.
(٢) كانت في الأصل : «إذا». والصواب ما أثبتناه.
(٣) كانت في الأصل : «إذا». والصواب ما أثبتناه.