في الموجودات أرذل ولا أنتن ممن احتاج إلى بركة هذا الكلب الوضر ، فاعجبوا لعظيم ما انتظمت هذه القصة عليه من وجوه الكفر الشنيع.
فمنها : إخباره عن الله تعالى أن يدعو على نفسه بالويل مرة بعد مرة ، الويل حقا على من يصدّق بهذه القصة ، وعلى الملعون الذي أتى بها.
ومنها : وصفه الله تعالى بالندامة على ما فعل!! ما الذي دعاه إلى الندامة؟ أتراه كان عاجزا عن أن يردّهم؟ هذا عجب آخر ، وإذا كان نادما على ذلك فلم تمادى على تبديدهم ، وإلقاء النجس عليهم حتى يبلغ ذلك إلى إلقاء الحكة في أدبارهم ، كما نص في آخر توراتهم؟
ما في العالم صفة أحمق من صفة من يتمادى على من يندم عليه هذه الندامة.
ومنها : وصفه الله تعالى بالبكاء والأنين.
ومنها : وصفه لربه تعالى بأنه لم يدر هل سمعه أم لا؟ حتى سأله عن ذلك.
ثم أظرف شيء إخباره عن نفسه بأنه أجاب بالكذب ، وأن الله تعالى قنع بكذبه ، وجاز عنده ولم يدر أنه كاذب.
ومنها : كونه بين الخرب ، وهي مأوى المجانين من الناس وخساس الحيوان كالثعالب والقطط البرية ونحوهما.
ومنها : وصفه الله تعالى بتنكيس القامة.
ومنها : طلبه البركة من ذلك المتن ابن المنتنة والمنتن.
وبالله الذي لا إله إلّا هو ما بلغ قط ملحد ولا مستخف هذه المبالغ التي بلغها هذا اللعين ومن يعظمه. وبالله تعالى نتأيد.
ولو ما وصفه الله تعالى من كفرهم وقولهم : (يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ) [المائدة : ٦٤] و (اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ) [آل عمران : ١٨١]. ما انطلق لنا لسان بشيء مما أوردنا. ولكن سهّل علينا حكاية كفرهم ما ذكره الله تعالى لنا من ذلك. ولا أعجب من إخبار هذا الكلب ـ لعنه الله ـ عن نفسه بهذا الخبر ، فإن اليهود كلهم يعني الربانيين منهم مجمعون على الغضب على الله ، وعلى تعييبه وتهوين أمره عزوجل فإنهم يقولون ليلة «عيد الكبود» وهي العاشرة من تشرين الأول وهو أكتوبر يقوم «الميططرون» ومعنى هذه اللفظة عندهم «الرب الصغير» ـ تعالى الله عن كفرهم.
قال : ويقول وهم قائم ينتف شعره ويبكي قليلا قليلا : «ويلي إذ خرّبت بيتي ،