فقط ، وهم باطرة (١) ومتّى ويوحنا ويعقوب ويهوذا ولا مزيد.
وكل هؤلاء فأكذب البرية وأخبثهم على ما نبين بعد هذا ، إن شاء الله تعالى. على أن بولش حكى في الأفركسيس وفي إحدى رسائله ، أنه لم يبق مع باطرة إلا خمسة عشر يوما ، ثم لقيه مرة أخرى وبقي معه أيضا يسيرا ، ثم لقيه الثالثة فأخذا جميعا وصلبا إلى لعنة الله. إلا أن الأناجيل الأربعة والكتب التي ذكرنا أن عليها معتمدهم فإنها عند جميع فرق النصارى في شرق البلاد وغربها على نسخة واحدة ، ورتبة واحدة ، لا يمكن أحد أن يزيد فيها كلمة ولا أن ينقص منها أخرى إلا افتضح عند جميع النصارى ، لأنها مبلغة كما هي إلى مارقس ولوقا ويوحنا لأن يوحنا هذا هو الذي نقل إنجيل متى عن متّى ورسائل بولش مبلغة كذلك إلى بولش.
واعلموا أن أمر النصارى أضعف من أمر اليهود بكثير لأن اليهود كانت لهم مملكة ، وجمع عظيم مع موسى عليهالسلام وبعده ، وكان فيهم أنبياء كثير ، ظاهرون آمرون مطاعون ، كموسى وهارون ويوشع وشموال وداود وسليمان عليهمالسلام. وإنّما دخلت الداخلة في التوراة بعد سليمان عليهالسلام ، إذ ظهر فيهم الكفر وعبادة الأوثان وقتل الأنبياء وحرق التوراة ونهب البيت مرة بعد مرة ، واتصل كفر جميعهم إلى أن تلفت دولتهم على ذلك.
وأما النصارى فلا خلاف بين أحد منهم ولا من غيرهم في أنه لم يؤمن بالمسيح في حياته إلا مائة وعشرون رجلا فقط ، هكذا في الإفركسيس ، ونسوة منهم امرأة وكيل هردوس وغيرها ، كن ينفقن عليه أموالهن ، هكذا في نص إنجيلهم ، وأن كل من آمن به فإنهم كانوا مستترين مخافين في حياته وبعده يدعون إلى دينهم سرا لا يكشف منهم أحد وجهه إلى الدعاء إلى ملته ، ولا يظهر دينه ، وكلّ من ظفر به منهم فإنّه قتل بالحجارة كما قتل يعقوب بن يوسف النجار ، وأشطيبن (٢) الذي يسمونه بكر الشهداء وغيره ، وإما صلب كما صلب باطرة واندرياش أخوه وشمعون أخو يوسف النجار ، وفلبش (٣) وبولش وغيرهم أو قتلوا بالسيف كما قتل يعقوب أخو يوحنا وطوما وبرتلوما ويهوذا بن يوسف النجار ، ومتّى. أو بالسم كما قتل يوحنا بن سبذاي ، وبقوا على هذه الحال لا يظهرون البتة ، ولا لهم مكان يأمنون فيه مدة ثلاثمائة سنة ، بعد رفع المسيح عليهالسلام.
__________________
(١) أي بطرس ، أو بيتر.
(٢) أي اسطفان ، أو ستيفان ، أو ستيفن.
(٣) أي فيليبوس ، أو فيليب.