قال أبو محمد : فاعجبوا لهذه الفضائح وتأملوها ، اتفق متى ومارقش ، على أن أول ما كانت صحبة شمعون باطرة ، وأخيه أندرياش ابني يونا للمسيح عليهالسلام ، فإنها كانت بعد أن سجن يحيى بن زكريا عليهالسلام ، إذ وجدهما المسيح وهما يدخلان شبكتهما في البحر للصيد ، وقال لوقا : إنه وجدهما أول ما صحباه ، إذ وجدهما قد نزلا من المركب لغسل شباكهما ، وأنهما كانا قد تعبا طول الليل ولم يصيدا شيئا.
وقال يوحنا : إن أول ما صحباه إذ رآه أندرياش أخو شمعون باطرة وهو واقف مع يحيى بن زكريا ، وأنه كان تلميذا ليحيى ، وأن يحيى حينئذ كان يعمد الناس ، فلما سمع أندرياش قول يحيى إذا رأى المسيح هذا خروف الله ، ترك يحيى وصحب المسيح ، وذلك في الساعة العاشرة ، وبات عنده تلك الليلة ، ثم مضى إلى أخيه شمعون باطرة وأخبره ، وأتى به إلى المسيح فصحبه ، وهي أول صحبته له. فبعضهم يقول : أول صحبة باطرة وأخيه أندرياش للمسيح كانت بعد سجن يحيى بن زكريا ، وهو قول متى ومارقش ، وبعضهم يقول : إن أول صحبة شمعون باطرة وأندرياش للمسيح كانت قبل أن يسجن يحيى بن زكريا وهو قول يوحنا ، وبعضهم يقول : أول صحبة باطرة وأندرياش للمسيح كانت إذ وجدهما يدخلان شبكتهما للصيد جميعا ، فتركاها وصحباه من حينئذ ، وهو قول متّى ومارقش. وبعضهم يقول : أول صحبة باطرة وأندرياش للمسيح كانت إذ رآه أندرياش وهو واقف مع يحيى ، وهو تلميذ ليحيى يومئذ ، فرأى المسيح ماشيا فقال يحيى : هذا خروف الله ، فترك أندرياش يحيى وصحب المسيح من حينئذ ، ثم مضى إلى أخيه شمعون وعرفه أنه وجد المسيح وأتى به إليه فصحبه من حينئذ ، وهو قول يوحنا. فهذه أربع كذبات في نسق.
أحدها : في الوقت الذي كان ابتدأ صحبتهما للمسيح فيه.
والأخرى : في الموضع الذي كان فيه أول صحبتهما للمسيح عليهالسلام.
والثالثة : في رتبة صحبتهما للمسيح أمعا أم أحدهما قبل الثاني ..؟
والرابعة : في صفة الحال التي وجدهما عليها أول ما صحباه. وبالضرورة ندري أن أحد هذه الاختلافات الأربعة كذب بلا شك ، ومثل هذا لا يمكن البتة أن يكون من عند الله عزوجل ، ولا من عند نبي ولا من عند صادق ، بل من كذّاب عيّار لا يبالي بما حدث ، وأغرب شيء في ذلك قولهم كلهم : إن يوحنا بن سيذاي هو ترجم إنجيل متّى من العبرانية إلى اليونانية ، فإذ رأى هذه القصص في إنجيل متّى بخلاف ما عنده