من تلاميذه ، وأعطاهم سلطانا على الأرواح النجسة ، أن ينفوها وأن يبرءوا كل مرض وهذه أسماؤهم :
أولهم شمعون المسمّى باطرة ، وأندرياش أخوه ، ويعقوب بن سيذاي ، ويحيى أخوه ، وفلبش وبرتلوما وطوما ومتّى بن الجابي ويعقوب ويهوذا أخوه ، وشمعون الكنعاني ، ويهوذا الاشكريوطا الذي دل عليه بعد ذلك فبعث يسوع هؤلاء الاثني عشر (١) ، وقال لهم : لا تسلكوا في سبيل الأجناس ، ولا تدخلوا مدائن السامريين ، ولكن اختصروا إلى الضأن التالفة من بني إسرائيل.
ففي هذا الفصل طامتان إحداهما : قوله : إنه أعطى أولئك الاثني عشر وسماهم بأسمائهم كلهم سلطانا على الأرواح النجسة ، وأن يبرءوا كل مريض ، وسمى فيهم يهوذا ولم يدع للإشكال وجها ، بل صرح بأنه الذي دلّ عليه بعد ذلك اليهود حتى أخذوه وصلبوه بزعمهم ، وضربوه بالسياط ، ولطموه واستهزءوا به ، وكذبوه لعنهم الله تعالى ، فكيف يجوز أن يقرب الله تعالى ويعطى السلطان على الجن والإبراء من كل مرض من يدري أنه هو الذي يدل عليه ويكفر بعد ذلك؟ هذا مع قول يوحنا ـ من سرقة يهوذا وخبث باطنه في إنجيله ـ أن يهوذا المذكور كان سارقا ، وأنه كان يخطف كل ما يهدى إلى المسيح ، ويذهب به. فلا بد ضرورة من أحد وجهين بلا ثالث أصلا :
إما أن يكون المسيح اطلع على ما اطلع عليه يوحنا من سرقة يهوذا وخبث باطنه ، وأعطاه مع ذلك الآيات المعجزات ، وجعله واسطة بينه وبين الناس ، وجعل له أن يحرم ويحلّل فيكون ما حلل وحرم محرّما ومحللا في السموات ، فهذه مصيبة وترفيع بالكفار ، وتقديم لمن لا يستحق وسخرية بالدّين ، وليس هذا صفة إله ولا من فيه خير. أو يكون خفي على المسيح من خبث نية يهوذا ما عرف غيره ، فهذه عظيمة من إله يجهل ما خلق. فهل سمع قط بأحمق من هذه القصص وممن يعتقدها حقّا ..؟!!
والثانية : قوله لا تسلكوا في سبيل الأجناس ، ولا تدخلوا مدائن السامريين ، واختصروا إلى الضأن المبددة من نسل إسرائيل ، وأنه لم يبعث إلا إلى الضأن التالفة من بني إسرائيل ، وهذا إنما أمرهم بأن يكملوه بعد رفعه بإقرارهم كلهم أنه طول كونه في الأرض لم يفارقه أحد منهم ، ولا نهضوا داعين إلى بلد آخر البتة ، فقد خالفوا أمره
__________________
(١) أسماؤهم كما وردت في أناجيلهم : بطرس ، وأخوه أندراوس ، فيلبّس ، برتلماوس ، توما ، متّى ، يعقوب بن حلفى ، لباوس الملقّب تداوس ، سمعان القانوني ، ويهوذا الأسخريوطي الذي دلّ عليه وأسلمه.