تلميذا ، ومن جملتهم السّارق الكافر (١) ، الذي دل عليه اليهود برشوة ثلاثين درهما أخذها منهم ، وأنّه قال لجميعهم : «ما حرّمتموه في الأرض كان حراما في السّماوات ، وما حللتموه في الأرض كان حلالا في السماوات».
فيا ليت شعري كيف يكون الحال إن اختلفوا فيما ولّاهم من ذلك ، فأحلّ بعضهم شيئا وحرّمه آخر منهم؟
كيف يكون الحال في السماوات وفي الأرض؟
لقد يقع أهلها مع هؤلاء السفلة في سفل وفي حرمة وحلّ معا.
فإن قيل : لا يجوز أن يختلفوا. قلنا : سبحان الله وأيّ خلاف أعظم من تحليل يهوذا إسلامه إلى اليهود ، وأخذه ثلاثين درهما رشوة على ذلك ، إلا إن كان عزله عن خطته الإلهية بعد أن ولّاه إيّاها ، فلعمري إنّ من قدر أن يوليها إنه لقادر على أن يعزل عنها ، ولعمري لقد رذلت هذه المنزلة عند هؤلاء الأرذال حقا إذ وليها السرّاق ومن لا خير فيه ، ثم يعزلون عنها بلا مئونة ، تعالى الله ، والله لو دكّت الجبال والأرض دكّا ، وخرّت السماوات العلى ، وصعق بكل ذي روح عند سماع كفر هؤلاء الخسّاس ، لما كان ذلك بكثير. وحسبنا الله ونعم الوكيل.
ولا يخلو هذا القول من أحد وجهين لا ثالث لهما :
إمّا أنه أراد أن «باطرة» والتلاميذ المولين هذه الخطة لا يحلّلون شيئا ، ولا يحرّمون إلّا بوحي من الله عزوجل.
فإن كان هذا فقد كذب في قوله الذي ذكرنا قبل أنّ كل نبوّة فمنتهاها إلى يحيى بن زكريّا عليهماالسلام ، لأن هؤلاء أنبياء على هذا القول.
وإمّا أنه أراد : أنه قد جعل لباطرة ولأصحابه ابتداء الحكم في التحريم والتحليل من عند أنفسهم بلا وحي من الله تعالى.
فيجب على هذا أنهم متى حرّموا شيئا حرّمه الله تعالى اتباعا لتحريمهم ، ومتى حلّلوا شيئا حلّله الله تعالى اتّباعا لتحليلهم.
فلئن كان هذا فإنها لحظة خسف ، وترى «باطرة» وأصحابه الأوغاد قد صاروا حكّاما على الله تعالى ، وقد صار عزوجل تابعا لهم. وحاشا لله تعالى من هذا كله. وما
__________________
(١) يعني يهوذا الأسخريوطي.