وأمثالهم ، وأظن أن لهم مسألة واحدة فقط يروونها عن حبر من أحبارهم عن نبيّ من متأخري أنبيائهم ، أخذها عنه مشافهة في نكاح الرّجل ابنته إذا مات عنها أخوه.
وأمّا النصارى : فليس عندهم من صفة هذا النقل إلا تحريم الطّلاق وحده فقط على أنّ مخرجه من كذّاب قد صح كذبه.
والخامس : شيء نقل كما ذكرنا ، إما بنقل أهل المشرق والمغرب ، أو كافة عن كافة ، أو ثقة عن ثقة حتى يبلغ إلى النبي صلىاللهعليهوسلم إلّا أن في الطريق رجلا مجروحا يكذب أو غفلة ، أو مجهول الحال ، فهذا أيضا يقول به بعض المسلمين ، ولا يحل عندنا القول به ولا تصديقه ، ولا الأخذ بشيء منه ، وهذه صفة نقل اليهود والنّصارى فيما أضافوه إلى أنبيائهم لأنه يقطع بكفرهم بلا شك ولا مرية.
والسادس : نقل نقل بأحد الوجوه التي قدّمنا ، إما بنقل من بين المشرق والمغرب أو بالكافة ، أو بالثقة عن الثقة ، حتى يبلغ ذلك إلى صاحب أو تابع ، أو إمام دونهما ـ أنه قال كذا ، أو حكم بكذا غير مضاف ذلك إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم كفعل أبي بكر رضي الله عنه في سبي أهل الردّة ، وكصلاة الجمعة صدر النهار ، وكضرب عمر رضي الله عنه الخراج ، وإضعافه القيمة على رقيق حاطب وغير ذلك كثير جدّا.
فمن المسلمين من يأخذ بهذا ، ومنهم من لا يأخذ به ، ونحن لا نأخذ به أصلا ، لأنه لا حجة في فعل أحد دون من أمرنا الله تعالى باتباعه وأرسله إلينا ببيان دينه ، ولا يخلو فاضل من وهم ، ولا حجة فيما يهم ، ولا يأتي الوحي ببيان وهمه.
وهذا الصنف من النقل هو صفة جميع نقل النصارى واليهود لشرائعهم التي هم عليها الآن ممّا ليس في التوراة ، وهو صفة جميع نقل النصارى حاشا تحريم الطلاق ، إلّا أن اليهود لا يمكنهم أن يبلغوا في ذلك إلى صاحب نبيّ أصلا ، ولا إلى تابع له ، وأعلى من يقف عنده النّصارى «شمعون» ثم «بولس» ثم أساقفتهم عصرا عصرا.
هذا أمر لا يقدر أحد منهم على إنكاره ، ولا إنكار شيء منه ، إلّا أن يدّعي أحد منهم كذبا من يطمع في تجويزه عليه ممن يظن به جهلا بما عنده فقط ، وأما إذا قرّرهم على ذلك من يدرون أنه يعرف كتبهم ، فلا سبيل لهم إلى إنكاره أصلا. وبالله تعالى التوفيق.
قال أبو محمد : ونقل القرآن وما فيه من إعلام النبي صلىاللهعليهوسلم كالإنذار بالغيوب ، وشق القمر ، ودعاء اليهود إلى تمنّي الموت ، والنّصارى إلى المباهلة ، وجميع العرب إلى المجيء بمثل القرآن ، وتوبيخهم بالعجز عنه ، وتوبيخ اليهود بأنهم لا يتمنّون