والذّهب والبقر والغنم ، ومعاملته أهل خيبر ، وغير ذلك كثير مما يخفى على العامّة ، وإنما يعرفه كوافّ أهل العلم فقط ، وليس عند اليهود والنصارى من هذا النقل شيء أصلا ، لأنه يقطع بهم دونه ما قطع بهم دون النقل الذي ذكرنا قبل من إطباقهم على الكفر الدّهور الطوال ، وعدم اتصال الكافة إلى عيسى عليهالسلام.
والثالث : ما نقله الثقة كذلك حتى يبلغ به إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، يخبر كل واحد منهم باسم الذي أخبر عنه ونسبه ، وكلّهم معروف الحال والعين ، والعدالة والزمان والمكان ، على أن أكثر ما جاء هذا المجيء فإنه منقول نقل الكواف إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم من طرق جماعة من الصحابة رضي الله عنهم ، وإمّا إلى الصاحب وإمّا إلى التّابع ، وإمّا إلى إمام أخذ عن التابع ، يعرف ذلك من كان من أهل المعرفة بهذا الشأن ، والحمد لله رب العالمين.
وهذا نقل خصّ الله عزوجل به المسلمين دون سائر أهل الملل كلها ، وأبقاه عندهم غضّا جديدا على قديم الدّهور مذ أربعمائة عام وخمسين عاما في المشرق والمغرب والجنوب والشمال يرحل في طلبه من لا يحصي عددهم إلّا خالقهم ، إلى الآفاق البعيدة ، ويواظب على تقييده من كان من الناقل قريبا منه ، قد تولّى الله تعالى حفظه عليهم ، والحمد لله رب العالمين ، فلا تفوتهم زلة في كلمة فما فوقها في شيء من النقل إن وقعت لأحدهم ، ولا يمكن لفاسق أن يقحم فيه كلمة موضوعة ، ولله تعالى الشكر.
وهذه الأقسام الثلاثة هي التي نأخذ ديننا منها ، ولا نتعدّاها إلى غيرها ، والحمد لله رب العالمين.
والرابع : شيء نقله أهل المشرق والمغرب أو الكافة أو الواحد الثقة عن أمثالهم إلى أن يبلغ إلى من ليس بينه وبين النبي صلىاللهعليهوسلم إلّا واحد فأكثر ، فسكت ذلك المبلوغ إليه عن من أخبره بتلك الشريعة عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، فلم يعرف من هو ، فهذا نوع يأخذ به كثير من المسلمين ، ولسنا نأخذ به البتة ، ولا نضيفه إلى النبي صلىاللهعليهوسلم إذ لم يعرف من حدّث به عن النبي صلىاللهعليهوسلم وقد يكون غير ثقة ، ويعلم منه غير الذي روى عنه ما لم يعرف منه الذي روى عنه. ومن هذا النوع كثير من نقل اليهود ، بل هو أعلى ما عندهم ، إلّا أنهم لا يقربون فيه من موسى عليهالسلام كقربنا فيه من محمد صلىاللهعليهوسلم ، بل يقفون ولا بدّ حيث بينهم وبين موسى عليهالسلام أزيد من ثلاثين عصرا ، في أزيد من ألف وخمسمائة عام ، وإنما يبلغون بالنقل إلى هلال ، وشماي ، وشمعون ، ومرعقيبا ،