عدد معروف عندنا. ومن ادّعى في ذلك سبعة آلاف سنة أو أكثر أو أقل فقد كذب ، وقال ما لم يأت عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيه لفظة تصح ، بل صحّ عنه عليهالسلام خلافه ، بل نقطع على أنّ للدنيا أمدا لا يعلمه إلّا الله عزوجل ، قال الله تعالى : (ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ) [سورة الكهف : ٥١]. وقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما أنتم في الأمم قبلكم إلّا كالشّعرة البيضاء في الثّور الأسود ، أو كالشعرة السّوداء في الثّور الأبيض» (١).
هذا عنه عليهالسلام ثابت ، وهو عليهالسلام لا يقول إلّا عين الحق ولا يسامح بشيء من الباطل لا بإعياء ولا بغيره ، فهذه نسبة من تدبّرها وعرف مقدار عدد أهل الإسلام ، ونسبة ما بأيديهم من معمور الأرض وأنه الأكثر ـ علم أنّ للدنيا عددا لا يحصيه إلّا الله تعالى.
وكذلك قوله صلىاللهعليهوسلم : «بعثت والسّاعة كهاتين» (٢). وضم إصبعيه المقدّستين السبّابة والوسطى.
وقد جاء النصّ بأنّ السّاعة لا يعلم متى تكون إلّا الله عزوجل لا أحد سواه ، فصحّ أنه عليهالسلام إنّما عنى شدّة القرب لا فضل الوسطى على السبّابة ، إذ لو أراد فضل ذلك لأخذت نسبة ما بين الإصبعين ، ونسب ذلك من طول الوسطى ، فكان يعلم بذلك متى تقوم الساعة ، وهذا باطل.
وأيضا فكان تكون نسبته عليهالسلام إيّانا إلى من قبلنا بأنه كالشعرة في الثور كذبا ، ومعاذ الله تعالى من ذلك.
فصح أنه عليهالسلام إنّما أراد شدة القرب ، وله عليهالسلام مذ بعث أربعمائة عام ونيف ، والله أعلم ما بقي من الدنيا ، فإذا كان هذا العدد العظيم لا نسبة له عند ما
__________________
(١) رواه بأسانيد وألفاظ مختلفة البخاري في الرقاق باب ٤٥ ، ٤٦ ، وأحاديث الأنبياء باب ٧ ، وتفسير سورة ٢٢ باب ١. ومسلم في الإيمان حديث ٣٧٦ ـ ٣٨٠. والترمذي في صفة الجنة باب ١٣. وابن ماجة في الزهد باب ٣٤. وأحمد في المسند (١ / ٣٨٦ ، ٤٣٨ ، ٤٤٥ ، ٣ / ٣٣ ، ٦ / ٤٤١).
(٢) رواه بأسانيد وألفاظ مختلفة البخاري في الرقاق باب ٣٩ ، والطلاق باب ٢٢٥ ، وتفسير سورة ٧٩ باب ١. ومسلم في الجمعة حديث ٤٣ ، والفتن حديث ١٣٢ ـ ١٣٥. وابن ماجة في المقدمة باب ٧. والدارمي في الرقاق باب ٤٦. وأحمد في المسند (٤ / ٣٠٩ ، ٥ / ٩٢ ، ١٠٣ ، ١٠٨).