في الأصول وغيرها أن علم الله تعالى واقع مع علمنا تحت حدّ واحد ، وهذه حماقة ممزوجة بكفر ، إذ جعلوا ما لم يزل محدودا بمنزلة المحدثات ، وكل ما أدخلناه على المنانية والنصارى ومن يبطل التوحيد فهو داخل على هذه الفرقة حرفا حرفا فأغنانا أن نحيل على ذلك عن تكراره ، ونعوذ بالله من الخذلان.
قال أبو محمد : هذا مع قولهم إنّ التغاير لا يكون إلّا فيما جاز أن يوجد أحدهما دون الآخر.
قال أبو محمد : وهذه غاية السخافة لأنها دعوى بلا برهان عليها لا من قرآن ولا من سنّة ، ولا معقول ولا من لغة أصلا ، وما كان هكذا فهو باطل ، ويلزمهم على هذا أن الخلق ليسوا غير الخالق ، لأنه لا يجوز أن يوجد الخلق دون الخلق ، فإن قالوا : جائز أن يوجد الخالق دون الخالق. قلنا : نعم فمن أين لكم أن أحد التغاير هو أنه لا يجوز أن يوجد أحدهما أيهما كان دون الآخر ..؟ وهذا ما لا سبيل لهم إليه ، ويلزمهم لزوما لا ينفكون عنه أن الأعراض ليست غير الجواهر ، لأنه لا يجوز البتة ولا يمكن ولا يتوهم وجود أحدهما دون الآخر جملة ، ونعوذ بالله من الخذلان.
قال أبو محمد : وحدّ التغاير الصحيح هو ما شهدت له اللغة وضرورة الحسّ والعقل ، وهو كل اسمين جاز أن يخبر عن أحدهما بخبر لا يخبر به عن الآخر فهما غيران لا بدّ من هذا ، وبالجملة ما لم يكن هو الشيء نفسه فهو غيره ، وما لم يكن غير الشيء نفسه فهو نفسه وبالله تعالى التوفيق.
قال أبو محمد : فإذ قد بطل بعون الله تعالى وتأييده قول من قال إن علم الله تعالى هو غير الله تعالى ثم جعله مخلوقا أو لم يزل فلنقل في سائر الأقوال في هذه المسألة إن شاء الله تعالى ، ولا حول ولا قوّة إلا بالله العليّ العظيم.
قال أبو محمد : وأمّا من قال : إنّ علم الله تعالى ليس هو هو ولا هو غيره ولكنّه صفة ذات لم يزل فكلام فاسد محال متناقض يبطل بعضه بعضا لأنهم إذا قالوا : إنّ علم الله تعالى ليس هو الله فقد أوجبوا بهذا القول ضرورة أنه غيره ، ثم إذا قالوا : ولا
__________________
ترجمته في وفيات الأعيان (٤ / ٢٧٢) وإنباه الرواة (٣ / ١١٠) والعبر للذهبي (١ / ٩٥) وسير أعلام النبلاء (١٧ / ٢١٤) والوافي بالوفيات (٢ / ٣٤٤) ومرآة الجنان (٣ / ١٧) وطبقات الشافعية للسبكي (٤ / ١٢٧) وطبقات الشافعية للإسنوي (٢ / ٢٦٦) والنجوم الزاهرة (٤ / ٢٤٠) وشذرات الذهب (٣ / ١٨١) وغيرها.