كاشف عن وحدة المؤثر ، وتمامية البرهان المزبور ، لا يمكن الالتزام بكون ذلك المؤثر هو الموضوع له لهذه الألفاظ ، فان المسمى لها لا بدّ وان يكون أمرا يفهمه العرف والعامّة حتى البدوي ، ومن الواضح ان هذا المعنى مما لا يعرفه الخواصّ فضلا عن العوام والأعراب.
واما تصويره من حيث الوجود ، فقد ذكرنا ان مفهوم الوجود مفهوم عام جامع بين جميع الموجودات ، مضافا إلى ان الصلاة مركبة من أمور وجودية وأمور عدمية فكيف يمكن ان تكون من قبيل الوجود؟! بل لا بدّ وان تكون من قبيل الماهيات ، ولذا يحمل عليها ما يحمل على الماهيات ، فيقال الصلاة موجودة تارة ومعدومة أخرى ، أو ثلثها الركوع وثلثها الطهور.
وأما ما ذكره بعض أعاظم مشايخنا قدسسرهم من انه تارة : يكون اللفظ موضوعا لذات معينة ماهية مهملة من حيث جميع العوارض كلفظ الإنسان ، وهذا هو الغالب في الألفاظ الموضوعة للطبائع. وأخرى : يوضع لماهية مهملة من حيث ذاتها مبينة من حيث بعض عوارضها كلفظ الغداء والعشاء الموضوعين لما يسد به الجوع في الوقت الخاصّ أعم من ان يكون من الحنطة ، أو من الشعير أو من غير ذلك ، ولفظ الخمر الموضوع لما يسكر العقل أعم من ان يكون مأخوذا من الخشب أو من الشعير أو من التمر والزبيب أو من غير ذلك ، وهذه الألفاظ تكون من قبيل الثاني. مثلا لفظ الصلاة موضوعة لما هو مؤثر في الأثر الخاصّ أو للعبادة المفروضة في الوقت الخاصّ أعم من ان تكون ركعتين أو ثلاثة أو أربعة ، عن قيام أو عن جلوس ، أو مستلقيا ، أو مضطجعا إلى غير ذلك ، انتهى.
وفيه : ان وضع اللفظ للذات المبهمة إلّا من حيث اتصافها بالعرض الخاصّ وان كان ممكنا كما في المشتقات على ما سيأتي بيانه مفصلا ، مثلا القائم الموضوع لذات متّصف بالقيام مبهمة من حيث كونها إنسانا قائما ، أو فرسا أو حمارا أو جدارا