(وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ)(١) ، وقوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ)(٢) ، وقوله تعالى : (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً)(٣) ، إلى غير ذلك.
اما أولا : فلأن الغرض من البحث عن ثبوت الحقيقة الشرعية ليس إلّا حمل الألفاظ الواردة في الأخبار على المعاني المستحدثة على تقدير ثبوتها ، وهذا يترتب على مجرد ثبوت الحقيقة الشرعية ولو في الشرائع السابقة.
ثانيا : ان مجرد ثبوت هذه الماهيات غير مستلزم لأن تكون مسمّاة بهذه الأسامي في تلك الشرائع ، بل الظاهر خلافه ، فان لغة أهل تلك الشرائع لم تكن عربية وانما نقل أعمالهم في القرآن باللغة العربية ترجمة مثل قوله تعالى : (وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي)(٤) ، فان من البديهي ان هذه العبارات ليست كلمات موسى نفسها بل هي نقل معاني كلامه باللغة العبرانيّة.
والمتحصّل من جميع ما ذكر ان دعوى ثبوت الحقيقة الشرعية اما بالوضع التعييني بالمعنى المتقدّم أو بالوضع التعيّني غير بعيد ، واما الحقيقة المتشرعة فثبوتها في غاية الوضوح.
ثم إنا لا نتعرّض لعلائم الحقيقة والمجاز لأنه انما كان للبحث عنها قيمة في سالف الأزمان في زمان كانوا يعتمدون على أصالة الحقيقة ، ولكن المتأخرين انما يعتمدون على الظهورات العرفية ، فان ثبت الظهور فهو حجّة سواء كان معنى مجازيا للّفظ أو حقيقيّا ، وإلّا فلا ، وعليه فلا داعي لإطالة الكلام في علائم الحقيقة والمجاز.
__________________
(١) مريم ـ ٣١.
(٢) البقرة ـ ١٨٣.
(٣) الحج ـ ٢٧.
(٤) الأعراف ـ ١٤٢.