التنبيه الثالث
ذهب صاحب الفصول (١) إلى اعتبار مغايرة المبدأ مع الذات في المشتقات ، ومن ثمّ أشكل في إطلاق بعض المشتقات التي هي من صفات الذات كالعالم والقادر لا صفات الفعل كالخالق والرازق على ذاته جلّ وعلا ، حيث انّ المبدأ فيها متحد مع ذاته المقدسة ، فالتزم في ذلك بالمجاز أو النقل.
وأجاب عنه في الكفاية (٢) بأنّ المعتبر من التغاير بينهما انما هو التغاير المفهومي ، وهو ثابت فيها ، فانّ مفهوم القدرة مغاير ذاتا مع ما يفهم من لفظ «الله» ، نعم مصداقهما في الخارج متحد.
وأضاف المحقق النائيني (٣) إلى ما في الفصول انّ لازمه تعطيل العقل عن إدراك معاني هذه المشتقات التي تطلق عليه تعالى.
ونقول : لا وجه للتعطيل أصلا ، فانّ الالتزام بالنقل أو التجوز معناه ان يكون لفظ العالم أو القادر مثلا مستعملا عند إطلاقه عليه في نفس العلم والقدرة ، وهذا غير مستلزم لوقوف العقل عن الإدراك كما هو واضح.
وأمّا ما ذكره في الكفاية من اعتبار التغاير الذاتي بين المبدأ والذات فهو أيضا غير تام ، بل لا يعتبر فيهما التغاير أصلا لا الذاتي ولا الوجوديّ ، وانما المعتبر هو تغاير المحمول والموضوع من بعض الجهات ، بداهة توقف صحة الحمل على ذلك ،
__________________
(١) الفصول ـ ص ٦٢.
(٢) كفاية الأصول ـ المجلد الأول ـ ص ٨٥.
(٣) أجود التقريرات ـ المجلد الأول ـ ص ٨٤.