ومن النّور المحسوس الّذى يرى بعين البصر نحو قوله : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً)(١). وتخصيص الشمس بالضّوء ، والقمر بالنّور من حيث إنّ الضّوء أخصّ من النّور ، وقوله : (وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً)(٢) أى ذا نور. وممّا هو عامّ فيهما قوله : (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ)(٣) ، (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها)(٤). ومن النّور الأخروىّ قوله : (يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ)(٥).
وسمّى الله نفسه نورا من حيث إنّه المنوّر فقال : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)(٦) ، وتسميته تعالى بذلك لمبالغة فعله ، وقيل : النّور هو الذى يبصر بنوره ذو العماية ويرشد بهداه ذو الغواية ، وقيل : هو الظاهر الذى به كلّ ظهور ، فالظّاهر فى نفسه المظهر لغيره يسمّى نورا. وسئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم هل رأيت ربّك؟ فقال : «نور أنّى أراه»! أى هو نور كيف أراه! وسئل عنه (٧) الإمام أحمد فقال : ما زلت (٨) منكرا له ، وما أدرى ما وجهه. وقال ابن خزيمة : فى القلب من صحّة هذا الحديث شىء.
وقال بعض أهل الحكمة : النّور جسم وعرض ، والله تعالى ليس بجسم ولا عرض ، وإنما حجابه النّور ، وكذا روى فى حديث أبى موسى ، والمعنى كيف أرى وحجابه النّور! أى النّور يمنع من رؤيته. وفى الحديث :
__________________
(١) الآية ٥ سورة يونس.
(٢) الآية ٦١ سورة الفرقان.
(٣) الآية ١ سورة الأنعام.
(٤) الآية ٦٩ سورة الزمر.
(٥) الآية ١٢ سورة الحديد.
(٦) الآية ٣٥ سورة النور.
(٧) عنه : أى عن الحديث المذكور.
(٨) فى النهاية : ما رأيت.