إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ)(١) ، والقوم (٢) دائرون فى تفسيره (٣) بين حكم وقضى ، وأخبر وأعلم ، وبيّن وعرف.
والتّوحيد توحيدان : توحيد الرّبوبيّة ، وتوحيد الإلهيّة ، فصاحب توحيد الرّبوبيّة (٤) يشهد قيّوميّة الربّ فوق عرشه يدبّر أمر عباده وحده ، فلا خالق ولا رازق ولا معطى ولا مانع ولا مميت ولا محيى ولا مدبّر لأمر المملكة ظاهرا وباطنا غيره ، فما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن ، ولا تتحرّك ذرّة إلّا بإذنه ، ولا يجرى حادث إلّا بمشيئته ، ولا تسقط (٥) ورقة إلّا بعلمه ، ولا يعزب عنه مثقال ذرّة فى السّماوات ولا فى الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر (٦) إلّا وقد أحصاها علمه وأحاطت بها قدرته ، ونفذت فيها مشيئته ، واقتضتها حكمته.
وأمّا توحيد الإلهية فهو أن يجمع همّه وقلبه وعزمه وإرادته وحركاته على أداء حقّه والقيام بعبوديّته ، وأنشد صاحب المنازل أبياتا ثلاثة ختم بها كتابه ولا أدرى هل هى له أو لغيره :
ما وحّد الواحد من واحد |
|
إذ كلّ من وحّده جاحد |
توحيد من ينطق عن نعته (٧) |
|
عاريّة أبطلها الواحد |
توحيده إيّاه توحيده |
|
ونعت من ينعته لاحد |
وظاهر معناه أنّ ما وحّد الله عزوجل أحد سواه ، وكلّ من أحّده
__________________
(١) الآيتان ١٨ ، ١٩ سورة آل عمران.
(٢) القوم : يريد الصوفية واهل السلوك.
(٣) الضمير عائد على التوحيد.
(٤) فى التاج : الربانية.
(٥) اقتباس قرآنى ، وإشارة إلى قوله تعالى : (وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها) الآية ٥٩ سورة الأنعام.
(٦) اقتباس من الآية ٣ سورة سبأ ..
(٧) نعته : فى التاج : نفسه (تصحيف).