فهو جاحد لحقيقة توحيده ، فإنّ توحيده يتضمّن شهود ذات الموحّد وفعله ، وما قام به من التوحيد وشهود ذات الواحد وانفراده ، وتلك بخلاف توحيده لنفسه ، فإنّه يكون هو الموحّد والموحّد ، والتّوحيد صفته وكلامه القائم ، فما ثمّ غيره فلا اثنينيّة ولا تعدّد. وأيضا فمن وحّده من خلقه فلا بدّ أن يصفه بصفة ، وذلك يتضمّن جحد حقّه الذى هو عدم انحصاره تحت الأوصاف ، فمن وصف فقد جحد إطلاقه من قيود الصّفات. وقوله :
توحيد من ينطق عن نعته (١) |
|
عاريّة أبطلها الواحد |
يعنى توحيد الناطقين عنه عاريّة مردودة ، كما تستردّ العوارى ، إشارة إلى أنّ توحيدهم ليس ملكا لهم ، بل الحقّ أعارهم إيّاه كما يعير المعير متاعه لغيره ينتفع به. وقوله : أبطلها الواحد ، أى الواحد / المطلق من كلّ الوجوه وحدته يبطل هذه العارة (٢). وقوله :
توحيده إيّاه توحيده
يعنى توحيده الحقيقىّ هو توحيد لنفسه بنفسه من غير أثر للسّوى بوجه ، بل لا سوى هناك. وقوله :
ونعت من ينعته لاحد
أى نعت الناعت له إلحاد ، أى عدول عمّا يستحقّه من كمال التوحيد ، فإنّه أسند إلى نزاهة الحقّ ما لا يليق إسناده.
وحاصل كلامه ، وأحسن ما يحمل عليه : أنّ الفناء فى شهود الأزليّة
__________________
(١) فى ا ، ب : نفسه ، والتصويب مما سبق.
(٢) العارة : العارية : اسم من الإعارة : يقال أعرته الشيء إعارة وعارة.