آلِ يَعْقُوبَ)(١) فإنه يريد وراثة النبوّة والعلم والفضيلة دون المال ، فالمال لا قدر له عند الأنبياء عليهمالسلام حتى يتنافسوا فيه ، بل قلّما يقتنون المال ويتملّكونه (٢) ، قال صلىاللهعليهوسلم : «نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة» (٣) وقيل أيضا : ما تركناه هو العلم وهو صدقة تشترك فيها الأمّة. وقوله صلىاللهعليهوسلم : «العلماء ورثة الأنبياء» (٤) إشارة إلى ما ورثوه من العلم ، وليس لفظ الوراثة (٥) إلا لكون ذلك بغير ثمن ولا منّة. وقال صلىاللهعليهوسلم لعلىّ : «أنت أخى ووارثى. قال : وما أرثك؟ قال : ما ورّثت الأنبياء قبلى ، كتاب الله وسنّتى (٦)».
وقوله صلىاللهعليهوسلم : «اللهمّ متّعنى بسمعى وبصرى واجعلهما الوارث منّى (٧) أى أبقهما صحيحين سليمين إلى أن أموت. وقيل : أراد بقاءهما وقوّتهما عند الكبر وانحلال القوى النّفسانيّة ، فيكون السّمع والبصر وارثى سائر القوى والباقيين بعدها. وقيل : أراد بالسّمع وعى ما يسمع والعمل به ، وبالبصر الاعتبار بما يرى. وفى رواية : «واجعله الوارث منّى» فردّ الهاء إلى الإمتاع ، فلذلك وحّده.
ويقال : ورثت من فلان علما ، أى استفدت منه. قال تعالى :
__________________
(١) الآية ٦ سورة مريم.
(٢) فى المفردات : ويملكونه.
(٣) نحن معاشر الأنبياء : أخرجه البخارى عن أبى هريرة : وفيه زيادة (وإنما يأكل آل محمد فى هذا المال).
(٤) من حديث أخرجه ابن النجار عن أنس كما فى الفتح الكبير.
(٥) فى المفردات : الورثة.
(٦) أخرجه الترمذى والحاكم عن ابن عمر برواية أنت أخى فى الدنيا والآخرة كما فى الفتح الكبير.
(٧) من حديث طويل رواه الترمذى والحاكم فى مستدركه عن أبى هريرة (الفتح الكبير).