ونفى الموالاة بينهم فى الآخرة ، فقال فى موالاة الكفّار بعضهم بعضا (يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً)(١).
قالوا : تولّى إذا عدّى بنفسه اقتضى معنى الولاية وحصوله فى أقرب المواضع ، يقال : ولّيت سمعى كذا ، وولّيت عينى كذا ، أى أقبلت به عليه ، قال تعالى : (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ)(٢) ؛ وإذا عدّى بعن لفظا أو تقديرا اقتضى معنى الإعراض وترك قربه ، فمن الأوّل قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)(٣) ومن الثّانى : (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ)(٤).
والتولّى قد يكون بالجسم ، وقد يكون بترك الإصغاء والائتمار ، قال تعالى : (وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ)(٥) أى لا تفعلوا ما فعل الموصوفون بقوله : (وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا)(٦) ، ولا ترتسموا قول من حكى عنهم (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ)(٧).
وقوله : (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي)(٨) قيل : أبناء العمّ ، وقيل : مواليه من أمّته.
ويقال : ولّاه دبره : إذا انهزم ، قال تعالى : (فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ)(٩).
وقوله تعالى : (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا)(١٠) ، أى ابنا يكون من أوليائك. وقوله : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِ)(١١) فيه نفى الولىّ (١٢) بقوله من الذّلّ
__________________
(١) الآية ٤١ سورة الدخان.
(٢) الآيات : ١٤٤ ، ١٤٩ ، ١٥٠ سورة البقرة.
(٣) الآية ٥١ سورة المائدة.
(٤) الآية ٦٣ سورة آل عمران.
(٥) الآية ٢٠ سورة الأنفال.
(٦) الآية ٧ سورة نوح.
(٧) الآية ٢٦ سورة فصلت.
(٨) الآية ٥ سورة مريم.
(٩) الآية ١٦ سورة الأنفال.
(١٠) الآية ٥ سورة مريم.
(١١) الآية ١١١ سورة الإسراء.
(١٢) فى ا ، ب : الولد وما أثبت عن المفردات.