وقال سهل : اليقين من زيادة الإيمان ، ولا ريب أنّ الإيمان كسبىّ باعتبار أسبابه ، موهبىّ باعتبار نفسه وذاته. وقال سهل أيضا : ابتداؤه المكاشفة كما قال بعض السلف (١) : لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا.
وقال ابن خفيف (٢) : هو تحقّق الأسرار بأحكام المغيّبات.
وقال أبو بكر بن طاهر : العلم يعارضه الشّكوك ، واليقين لا شكّ فيه. وعند القوم : اليقين لا يساكن قلبا فيه سكون إلى غير الله.
قال ذو النّون : اليقين يدعو إلى قصر الأمل ، وقصر الأمل يدعو إلى الزّهد ، والزّهد يورث الحكمة ، وهى تورث النظر فى العواقب.
وثلاثة من أعلام اليقين : قلّة مخالطة الناس فى العشرة ؛ وترك المدح لهم فى العطيّة ؛ والتنزّه عن ذمّهم عند المنع. وثلاثة من أعلامه أيضا : النّظر إليه (٣) فى كل شىء ؛ والرّجوع إليه فى كلّ أمر ؛ والاستعانة به فى كلّ حال.
وقال الجنيد رحمهالله : اليقين هو استقرار العلم الذى لا يحول ولا ينقلب ولا يتغيّر فى القلب.
وقال ابن عطاء رحمهالله : على قدر قربهم من التّقوى أدركوا من اليقين. وأصل التّقوى مباينة المنهىّ عنه ، فعلى مفارقتهم النفس وصلوا إلى اليقين.
__________________
(١) هو عامر بن عبد القيس كما سيأتى.
(٢) هو أبو عبد الله محمد بن خفيف الشيرازى كان من الأمراء ثم تفقه وتصوف وتزهد مات سنة ٣٧١ ه.
(٣) الضمير هنا راجع إلى الله سبحانه وتعالى الحاضر دائما فى نفوسهم وإن لم يرد ذكره فى العبارة.