ولأنّه مبذّر لماله ، فلا يجوز دفعه إليه ، كغير البالغ خمساً وعشرين سنة.
وقال أبو حنيفة : لا يُدفع إليه ماله إذا كان قد بلغ سفيهاً ، وإن تصرّف ، نفذ تصرّفه ، فإذا بلغ خمساً وعشرين سنة ، فُكّ عنه الحجر ، ودُفع إليه ماله وإن كان سفيهاً ؛ لقوله تعالى : ( وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) (١) وقد زال اليتم.
ولأنّه قد بلغ أشدّه ، وصلح أن يصير جَدّاً. ولأنّه حُرٌّ بالغ عاقل مكلّف ، فلا يُحجر عليه ، كالرشيد (٢).
والآية لا دلالة فيها ، ولو دلّت فإنّما تدلّ بمفهوم الخطاب ، وهو ليس حجّةً عنده (٣).
ثمّ هي مخصوصة بما قبل خمس وعشرين سنة بالإجماع ، فيجب أن تخصّ بما بعدها ؛ لأنّ الموجب للتخصيص علّة السفه ، وهي موجودة فيما بعدها ، فيجب أن يخصّ بها ، كما أنّ الآية لمّا خُصّصت في حقّ المجنون لأجل جنونه قبل خمس وعشرين خُصّت أيضاً به بعد خمس وعشرين.
والمنطوق الذي استدللنا به أولى من مفهومه.
__________________
(١) الأنعام : ١٥٢ ، الإسراء : ٣٤.
(٢) المبسوط ـ للسرخسي ـ ٢٤ : ١٦١ ، الهداية ـ للمرغيناني ـ ٣ : ٢٨٢ ، بدائع الصنائع ٧ : ١٧٠ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ١٥٢ ، مختصر اختلاف العلماء ٥ : ٢١٦ / ٢٣١١ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣١٨ ، حلية العلماء ٤ : ٥٣٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٧٣ ـ ٧٤ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ٥٥٤.
(٣) كما في المغني ٤ : ٥٥٥ ، والشرح الكبير ٤ : ٥٥٤ ، وفي ميزان الأُصول ١ : ٤٤٥ ، وشرح اللمع ١ : ٤٢٨ ، والإشارة في معرفة الأُصول ٢٩٤ نسبته إلى أصحاب أبي حنيفة.